للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس: يمسك أنفس الأموات ويرسل أنفس الأحياء ولا يغلط: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (١).

﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)﴾.

يقول تعالى ذامًّا للمشركين في اتخاذهم شفعاء من دون الله وهم الأصنام والأنداد التي اتخذوها من تلقاء أنفسهم بلا دليل ولا برهان حداهم على ذلك، وهي لا تملك شيئًا من الأمر بل وليس لها عقل تعقل به ولا سمع تسمع به ولا بصر تبصر به بل هي جمادات أسوأ من الحيوان بكثير.

ثم قال: قل؛ أي. يا محمد، لهؤلاء الزاعمين أن ما اتخذوه من شفعاء لهم عند الله تعالى أخبرهم أن الشفاعة لا تنفع عند الله إلا لمن ارتضاه وأذن له فمرجعها كلها إليه ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥].

﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي: هو المتصرف في جميع ذلك ﴿إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أي: يوم القيامة فيحكم بينكم بعدله ويجزي كلًا بعمله،

ثم قال تعالى ذامًّا للمشركين أيضًا: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ﴾ أي: إذا قيل لا إله إلا الله وحده ﴿اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾.

قال مجاهد: ﴿اشْمَأَزَّتْ﴾: انقبضت (٢).

وقال السدي: نفرت (٣).

وقال قتادة: كفرت واستكبرت (٤).

وقال مالك: عن زيد بن أسلم استكبرت (٥)، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥)[الصافات] أي: عن المتابعة والانقياد لها فقلوبهم لا تقبل الخير ومن لم يقبل الخير يقبل الشر، لهذا قال: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ أي: من الأصنام والأنداد.

قال مجاهد: ﴿إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ أي: يفرحون ويسرون.


(١) أخرجه الطبراني من طريق جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (المعجم الأوسط ١/ ١١٧ ح ١٢٢) وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/ ١٠٠) وكذا أخرجه الضياء المقدسي (المختار ١٠/ ١٢٢).
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٥) سنده صحيح.