للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ﴾ أي: على قدرته على إعادة الموتى ﴿أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً﴾ أي: هامدة لا نبات فيها بل هي ميتة ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ أي: أخرجت من جميع ألوان الزروع والثمار ﴿إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (٤٣)﴾.

قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا﴾ قال ابن عباس: الإلحاد وضع الكلام على غير مواضعه (١).

وقال قتادة: هو الكفر والعناد (٢).

وقوله: ﴿لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا﴾ فيه تهديد شديد ووعيد أكيد؛ أي: إنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال ولهذا قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أي: أيستوي هذا وهذا؟ لا يستويان. ثم قال [﷿ تهديدًا للكفرة: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ قال مجاهد والضحاك وعطاء الخراساني: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ وعيد؛ أي: من خير أو شر إنه عالم بكم وبصير بأعمالكم (٣) ولهذا قال: ﴿إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾

ثم قال ] (٤): ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾ قال الضحاك والسدي وقتادة: وهو القرآن (٥) ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ أي: منيع الجناب لا يرام أن يأتي أحد بمثله

﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ أي: ليس للبطلان إليه سبيل لأنه منزل من رب العالمين ولهذا قال: ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ أي: حكيم في أقواله وأفعاله حميد بمعنى محمود؛ أي: في جميع ما يأمر به وينهى عنه الجميع محمودة عواقبه وغاياته.

ثم قال: ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ﴾ قال قتادة والسدي وغيرهما: ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك (٦)، فكما كُذِّبت كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر أنت على أذى قومك لك. وهذا اختيار ابن جرير ولم يحك هو ولا ابن أبي حاتم غيره.


= عبد الرحمن وهو صدوق سيء الحفظ، وقال الهيثمي: إسناده ضعيف. (مجمع الزوائد ٨/ ٧١)، وأخرجه الطبراني بسند فيه سعيد بن بشير وهو ضعيف (المعجم الأوسط ح ٢٧٩٥).
(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٣) أخرجه البُستي والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) زيادة من (حم) و (مح).
(٥) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.