للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا﴾ أي: ذرأ فيهما في السموات والأرض ﴿مِنْ دَابَّةٍ﴾ وهذا يشمل الملائكة والإنس والجن وسائر الحيوانات على اختلاف أشكالهم وألوانهم ولغاتهم وطباعهم وأجناسهم وأنواعهم، وقد فرقهم في أرجاء أقطار السماوات والأرض ﴿وَهُوَ﴾ مع هذا كله ﴿عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ﴾ أي: يوم القيامة يجمع الأولين والآخرين وسائر الخلائق في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر فيحكم فيهم بحكمه العدل الحق.

وقوله: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ أي: مهما أصابكم أيها الناس من المصائب فإنما هي عن سيئات تقدمت لكم ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ أي: من السيئات فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [فاطر: ٤٥].

وفي الحديث الصحيح: "والذي نفسي بيده ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن إلا كفر الله عنه بها من خطاياه حتى الشوكة يشاكها" (١).

وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب قال: قرأت في كتاب أبي قلابة قال: نزلت ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)[الزلزلة] وأبو بكر يأكل فأمسك وقال: يا رسول الله إني أرى ما عملت من خير وشر، فقال: "أرأيت ما رأيت مما تكره، فهو من مثاقيل ذر الشر وتدخر مثاقيل الخير حتى تعطاه يوم القيامة" وقال: قال أبو إدريس: فإني أرى مصداقها في كتاب الله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)(٢). ثم رواه من وجه آخر عن أبي قلابة، عن أنس (٣). قال: والأول أصح (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، حدثنا الأزهر بن راشد الكاهلي، عن الخضر بن القواس [البجلي، عن أبي سخيلة] (٥)، عن علي قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله ﷿، وحدثنا به رسول الله ؟ قال: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير، وسأفسرها لك يا علي: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله تعالى أحلم من أن يثني عليه العقوبة في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله تعالى أكرم من أن يعود بعد عفوه" (٦). وكذا رواه الإمام أحمد عن مروان بن معاوية وعبدة، عن أبي سخيلة قال: قال علي فذكر نحوه مرفوعًا (٧).


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة النساء آية ١٢٣.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأن أبا قلابة كثير الإرسال ولم يسمع من أبي بكر .
(٣) أخرجه الطبري من طريق الهيثم بن الربيع عن أيوب عن أبي قلابة به، وسنده ضعيف لأنه معلق ولأن الهيثم ضعيف كما في التقريب.
(٤) وفي النسخة المحققة من تفسير الطبري: والصواب عن أبي إدريس.
(٥) كذا في (حم) و (مح) وترجمتيهما، وفي الأصل صُحفا إلى: "الجيلي عن ابن أبي سخية".
(٦) سنده ضعيف لضعف أزهر بن راشد الكاهلي كما في التقريب وتهذيب التهذيب.
(٧) (المسند ١/ ٨٥) وسنده كسابقه.