للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سعيد الأنصاري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: سئل نبي الله : أينام أهل الجنة؟ فقال : "النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون" (١). وهكذا رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره، حدثنا أحمد بن القاسم بن صدقة المصري، حدثنا المقدام بن داود، حدثنا عبد الله بن المغيرة، حدثنا سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : "النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون" (٢).

وقال أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا الفضل بن يعقوب، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قيل يا رسول الله: هل ينام أهل الجنة؟ قال : "لا، النوم أخو الموت"، ثم قال: لا نعلم أحدًا أسنده عن ابن المنكدر عن جابر إلا الثوري ولا عن الثوري إلا الفريابي (٣)، هكذا قال، وقد تقدم خلاف ذلك، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ أي: مع هذا النعيم العظيم المقيم قد وقاهم وسلَّمهم ونجَّاهم وزحزحهم عن العذاب الأليم في دركات الجحيم، فحصل لهم المطلوب ونجاهم من المرهوب، ولهذا قال: ﴿فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧)﴾ أي: إنما كان هذا بفضله عليهم وإحسانه إليهم كما ثبت في الصحيح عن رسول الله أنه قال: "اعملوا وسددوا وقاربوا واعلموا أن أحدًا لن يدخله عمله الجنة" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال : "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل" (٤).

وقوله: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨)﴾ أي: إنما يسرنا هذا القرآن الذي أنزلناه سهلًا واضحًا بينًا جليًا بلسانك الذي هو أفصح اللغات وأجلاها وأعلاها ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ أي: يتفهمون ويعلمون.

ثم لما كان مع هذا الوضوح والبيان من الناس من كفر وخالف وعاند قال الله تعالى لرسوله مسليًا له وواعدًا له بالنصر، ومتوعدًا لمن كذبه بالعطب والهلاك.

﴿فَارْتَقِبْ﴾ أي: انتظر ﴿إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ﴾ أي: فسيعلمون لمن تكون النصرة والظفر وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة، فإنها لك يا محمد ولإخوانك من النبيين والمرسلين ومن اتبعكم من المؤمنين كما قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)[المجادلة]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)[غافر].

آخر تفسير سورة الدخان، ولله الحمد والمنة، وبه التوفيق والعصمة.


(١) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه (المعجم الأوسط ١/ ٥٠٢ ح ٩٢٣) ونسبه الهيثمي إلى الطبراني في الأوسط والبزار وقال ورجال البزار رجال الصحيح (مجمع الزوائد ١٠/ ٤١٥) وصححه السيوطي في الدر المنثور، والألباني بطرقه (السلسلة الصحيحة ح ١٠٨٧).
(٢) في سنده عبد الله بن محمد بن المغيرة ضعفه العقيلي (الضعفاء الكبير ٢/ ٣٠١)، وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل ٥/ ١٥٨) وقد تابعه محمد بن يوسف الفريابي كما في الرواية التالية:
(٣) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (ح ٣٥١٧) وحكمه كما في الرواية قبل السابقة.
(٤) صحيح البخاري، الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل (ح ٦٤٦٧).