للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى، عن سفيان، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عباس قال سفيان: لا أعلم إلا عن النبي ، أو أثرة (١) من علم، قال: الخط (٢).

وقال أبو بكر بن عياش: أو بقية من علم (٣).

وقال الحسن البصري: أو أثارة شيء يستخرجه فيثيره (٤).

وقال ابن عباس ومجاهد وأبو بكر بن عياش أيضًا: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ﴾ يعني: الخط (٥).

وقال قتادة: أو أثارة من علم خاصة من علم (٦).

وكل هذه الأقوال متقاربة. وهي راجعة إلى ما قلناه وهو اختيار ابن جرير وأكرمه وأحسن مثواه (٧).

وقوله : ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥)﴾ أي: لا أضلّ ممن يدعو من دون الله أصنامًا، ويطلب ما لا تستطيعه إلى يوم القيامة، وهي غافلة عما يقول لا تسمع ولا تبصر ولا تبطش؛ لأنها جماد حجارة صمّ.

وقوله: ﴿وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (٦)﴾ كقوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)[مريم] أي: سيخونونهم أحوج ما يكونون إليهم. وقال الخليل : ﴿إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [العنكبوت: ٢٥].

﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨) قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن المشركين في كفرهم وعنادهم: أنهم إذا تتلى عليهم آيات الله بينات؛ أي: في حال بيانها ووضوحها وجلائها يقولون: ﴿هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ أي: سحر واضح وقد كذبوا وافتروا وضلوا وكفروا

﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ يعنون محمدًا قال الله: ﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي


(١) وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٤٤٩ ح ١٩٩٢) وصحح سنده محققوه.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح عن أبي كريب عن أبي بكر بن عياش.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٥) أخرجه الطبري والحاكم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٥٤).
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٧) رجح الطبري قول من قال: البقية من علم.