للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

آخرهم الدجال" (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن إبراهيم بن سليمان، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير قال: إن سلمة بن نفيل أخبرهم أنه أتى رسول الله فقال: إني سيَّبت الخيل وألقيت السلاح ووضعت الحرب أوزارها وقلت: لا قتال، فقال له النبي : "الآن جاء القتال لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس يزيغ الله تعالى قلوب أقوام، فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، ألا إن عُقَرَ دار المؤمنين بالشام والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة" (٢) وهكذا رواه النسائي من طريقين عن جبير بن نفير، عن سلمة بن نفيل [السكوني (٣)] (٤) به.

وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا داود بن رشيد، حدثنا الوليد بن مسلم، عن محمد بن مهاجر، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان قال: لما فتح على رسول الله فتح قالوا: يا رسول الله سُيَبت الخيل ووضعت السلاح ووضعت الحرب أوزارها قالوا لا قتال قال: "كذبوا الآن جاء القتال، ولا يزال الله تعالى يرفع قلوب قوم يقاتلونهم فيرزقهم منهم حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك وعقر دار المسلمين بالشام" (٥). وهكذا رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن داود بن رشيد به (٦)، والمحفوظ أنه من رواية سلمة بن نفيل كما تقدم، وهذا يقوي القول بعدم النسخ كأنه شرع هذا الحكم في الحرب إلى أن لا يبقى حرب.

وقال قتادة: ﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ حتى لا يبقى شرك (٧)، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٣]. ثم قال بعضهم: حتى تضع الحرب أوزارها؛ أي: أوزار المحاربين وهم المشركون بأن يتوبوا إلى الله ﷿، وقيل: أوزار أهلها بأن يبذلوا الوسع في طاعة الله ﷿ وقوله: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ﴾ أي: هذا ولو شاء الله لانتقم من الكافرين بعقوبة ونكال من عنده ﴿وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ أي: ولكن شرع لكم الجهاد وقتال الأعداء ليختبركم، ويبلو أخباركم كما ذكر حكمته في شرعية الجهاد في سورتي آل عمران وبراءة في قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢)[آل عمران].

وقال في سورة براءة: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ١٢٠.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ١٠٤) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (ح ١٩٣٥).
(٣) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل صحف إلى: "السلوني".
(٤) سنن النسائي الخيل ٦/ ٢١٤ وسنده كسابقه.
(٥) فيه عنعنة الوليد بن مسلم وهو كثير التدليس والتسوية كما في (التقريب ص ٥٨٤)، وقد صحّ كما تقدم عن سلمة بن نفيل.
(٦) أخرجه ابن حبان عن أبي يعلى به (الإحسان ح ٧٣٠٧) وسنده كسابقه.
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.