للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي لفظ: قدم النبي وأصحابه صبيحة رابعة يعني من ذي القعدة، فقال المشركون إنه يقدم عليكم، وفد قد وهنتهم حمى يثرب فأمرهم النبي أن يرملوا الأشواط الثلاثة، ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم.

قال البخاري: وزاد ابن سلمة. يعني: حماد بن سلمة، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما قدم النبي لعامه الذي استأمن قال ارملوا، ليري المشركين قوتهم والمشركون من قبل قعيقعان (١).

وحدثنا محمد، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس قال: إنما سعى النبي بالبيت وبالصفا والمروة ليرى المشركون قوته (٢). ورواه في مواضع أخر ومسلم والنسائي من طرق عن سفيان بن عيينة به (٣).

وقال أيضًا: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد أنه سمع ابن أبي أوفى يقول: لما اعتمر رسول الله سترناه من غلمان المشركين ومنهم، أن يؤذوا رسول الله ، انفرد به البخاري (٤) دون مسلم.

وقال البخاري أيضًا: حدثنا محمد بن رافع، حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا فليح وحدثني محمد بن الحسين بن إبراهيم، حدثنا أبي، حدثنا فليح بن سليمان، عن نافع، عن ابن عمر قال: إن رسول الله خرج معتمرًا، فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل، ولا يحمل سلاحًا عليهم إلا سيوفًا ولا يقيم بها إلا ما أحبوا. فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم، فلما أن أقام بها ثلاثًا أمروه أن يخرج فخرج (٥) ، وهو في صحيح مسلم أيضًا.

وقال البخاري أيضًا: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال: اعتمر النبي في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة، حتى قاضاهم على أن يقيموا بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضانا عليه محمد رسول الله، قالوا: لا نقر بهذا ولو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئًا، ولكن أنت محمد بن عبد الله. قال : "أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله" ثم قال لعلي بن أبي طالب: "امح رسول الله" قال: لا والله لا أمحوك أبدًا، فأخذ رسول الله الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب: "هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله أن لا يدخل مكة بالسلاح إلا بالسيف في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع من أصحابه أحدًا إن أراد أن يقيم بها".

فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليًا فقالوا: قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، المغازي، باب عمرة القضاء ح ٤٢٥٦).
(٢) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (المصدر السابق ح ٤٢٥٧).
(٣) صحيح مسلم، الحج، باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة (ح ١٢٦٦) والسنن الكبرى للنسائي (ح ٣٩٧٣).
(٤) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (المصدر السابق ح ٤٢٥٥).
(٥) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (المصدر السابق ح ٤٢٥٢).