للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ أي: عليم بكم خبير بأموركم، فيهدي من يشاء ويضل من يشاء، ويرحم من يشاء ويعذب من يشاء، ويفضل من يشاء على من يشاء، وهو الحكيم العليم الخبير في ذلك كله، وقد استدلَّ بهذه الآية الكريمة وهذه الأحاديث الشريفة من ذهب من العلماء إلى أن الكفاءة في النكاح لا تشترط ولا يشترط سوى الدين لقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ وذهب الآخرون إلى أدلة مذكورة في كتب الفقه، وقد ذكرنا طرفًا من ذلك في (كتاب الأحكام) ولله الحمد والمنة.

وقد روى الطبراني، عن عبد الرحمن أنه سمع رجلًا من بني هاشم يقول: أنا أولى الناس برسول الله فقال غيره: أنا أولى به منك ولك منه [نسبة] (١) (٢).

﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)﴾.

يقول تعالى منكرًا على الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادعوا لأنفسهم مقام الإيمان ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعد: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ وقد استفيد من هذه الآية الكريمة أن الإيمان أخصُّ من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، ويدل عليه حديث جبريل حين سأل عن الإسلام ثم عن الإيمان ثم عن الإحسان، فترقى من الأعم إلى الأخصِّ ثم للأخصِّ منه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أعطى رسول الله رجالًا ولم يعط رجلًا منهم شيئًا، فقال سعد: يا رسول الله أعطيت فلانًا وفلانًا ولم تعط فلانًا شيئًا، وهو مؤمن، فقال النبي : أو مسلم؟ حتى أعادها سعد ثلاثًا والنبي : يقول: أو مسلم؟ ثم قال النبي : "إني لأُعطي رجالًا وأدع من هو أحب إلي منهم، فلم أعطه شيئًا مخافة أن يكبوا في النار


(١) زيادة من (مح).
(٢) أخرجه الطبراني عن شيخه المقدام بن داود (المعجم الكبير ١/ ١٣٤ ح ٢٨٣) وضعف سنده الهيثمي لضعف المقدام. (مجمع الزوائد ٨/ ٨٧).