للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو بكر البزار: فأبو بكر بن أبي سبرة: لين، وسعيد بن سلام ليس من أصحاب الحديث (١). قلت: فهذا الحديث ضعيف رفعه، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر ، فإن قصة صبيغ بن عسل مشهورة مع عمر، وإنما ضربه لأنه ظهر له من أمره فيما يسأل تعنتًا وعنادًا، والله أعلم.

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر هذه القصة في ترجمة صبيغ مطولة (٢)، وهكذا فسرها ابن عباس وابن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي وغير واحد (٣)، ولم يحكِ ابن جرير وابن أبي حاتم غير ذلك، وقد قيل إن المراد بالذاريات الريح كما تقدم، وبالحاملات وقرًا السحاب كما تقدم؛ لأنها تحمل الماء كما قال زيد بن عمرو بن نفيل:

وأسلمت نفسي لمن أسلمت له … المزن تحمل عذبًا زلالًا (٤)

فأما الجاريات يُسرًا فالمشهور عن الجمهور ما تقدم أنها السفن، تجري ميسرة في الماء جريًا سهلًا، وقال بعضهم: هي النجوم تجري يسرًا في أفلاكها ليكون ذلك ترقيًا من الأدنى إلى الأعلى إلى ما هو أعلى منه، فالرياح فوقها السحاب، والنجوم فوق كذلك، والمقسمات أمرًا الملائكة فوق ذلك تنزل بأوامر الله الشرعية والكونية، وهذا قَسم من الله ﷿ على وقوع المعاد، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥)﴾ أي: لخبر صدق ﴿وَإِنَّ الدِّينَ﴾ وهو الحساب ﴿لَوَاقِعٌ﴾ أي: لكائن لا محالة.

ثم قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (٧)﴾ قال ابن عباس: ذات الجمال والبهاء والحسن والاستواء (٥)، وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وأبو مالك وأبو صالح والسدي وقتادة وعطية العوفي والربيع بن أنس وغيرهم (٦).

وقال الضحاك والمنهال بن عمرو وغيرهما: مثل تجعد الماء والرمل والزرع، إذا ضربته الريح فينسج بعضه بعضًا طرائق طرائق، فذلك الحبك (٧).

قال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن عُلية، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من أصحاب النبي ، عن رسول الله أنه قال: "إن من ورائكم الكذاب المضلّ، وإن


(١) أخرجه البزار بسنده ومتنه (المسند ١/ ٤٢٣ ح ٢٩٩) وسنده ضعيف جدًا لأن أبا بكر بن أبي سبرة متروك (مجمع الزوائد ٧/ ١٢٢) والقصة لها أصل، ولكن بدون ذكر التفسير النبوي.
(٢) تاريخ دمشق ٨/ ل ٢٣٠.
(٣) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند منقطع من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عنه، وهو لم يدرك ابن عباس، وأخرجه أيضًا بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس، ويتقويان بسابقه، وقول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وأخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق قتادة عن علي ، وقتادة لم يسمع من علي، ويتقوى بما سبق.
(٤) ذكره ابن هشام (السيرة النبوية ١/ ٢٣١).
(٥) أخرجه البُستي والطبري بسند حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٦) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق عمران بن حدير عن عكرمة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عوف الأعرابي عن الحسن، وأخرجه الطبري بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس، وأخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر عن سعيد بن جبير.
(٧) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.