للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد رواه عثمان بن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام، عن سفيان، عن أبي عمر البزار، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره، والذي فسر به ابن جرير فيه نظر؛ لأن قوله آخذين حال من قوله في جنات وعيون، فالمتقون في حال كونهم في الجنات والعيون آخذين ما آتاهم ربهم؛ أي: من النعيم والسرور والغبطة، وقوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ﴾ أي: في الدار الدنيا ﴿مُحْسِنِينَ﴾ كقوله: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤)[الحاقة] ثم إنه تعالى بيّن إحسانهم في العمل فقال: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)﴾.

اختلف المفسرون في ذلك على قولين:

(أحدها): أن ﴿مَا﴾ نافية تقديره كانوا قليلًا من الليل لا يهجعونه، قال ابن عباس: لم تكن تمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئًا (١).

وقال قتادة، عن مُطِّرف بن عبد الله: قل ليلة لا تأتي عليهم إلا يصلون فيها لله ﷿، إما من أولها وإما من أوسطها (٢).

وقال مجاهد: قل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون (٣) وكذا قال قتادة.

وقال أنس بن مالك وأبو العالية: كانوا يصلون بين المغرب والعشاء (٤).

وقال أبو جعفر الباقر: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة (٥).

(والقول الثاني) أن ﴿مَا﴾ مصدرية تقديره كانوا قليلًا من الليل هجوعهم ونومهم، واختاره ابن جرير.

وقال الحسن البصري: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)﴾ كابدوا قيام الليل فلا ينامون من الليل إلا أقله، ونشطوا فمدوا إلى السحر حتى كان الاستغفار بسحر (٦).

وقال قتادة: قال الأحنف بن قيس: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)﴾ كانوا لا ينامون إلا قليلًا ثم يقول: لست من أهل هذه الآية (٧). وقال الحسن البصري: كان الأحنف بن قيس يقول


= حميد الرازي: ضعيف، ومسلم البطين لم يدرك ابن عباس ، وأبو عمر البزار: هو دينار بن عمر الأسدي: صالح الحديث رمي بالرفض (التقريب ص ٢٠٢).
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٢/ ٢٣٩) والطبري والحاكم بسند حسن من طريق المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وصححه الحاكم وذكر له شاهدًا مرفوعًا، ووافقه الذهبي على الموقوف عن ابن عباس وضعف الشاهد المرفوع (المستدرك ٢/ ٤٦٧).
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق قتادة به.
(٣) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه أبو داود بسند صحيح عن أنس (السنن، الصلاة، باب وقت قيام النبي من الليل ح ١٣٢٣)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٦٧) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١١٧٤)، وأخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٢/ ٢٣٨) والطبري بسند حسن من طريق عاصم عن أبي العالية.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٢/ ٢٣٨)، والطبري بسند حسن من طريق بكر بن أبي السميط عن قتادة عن أبي جعفر محمد بن علي.
(٦) أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مقتصرًا على الشق الأول، وأخرجه =