للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كما قال تعالى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران: ١٧] فإن كان الاستغفار في صلاة فهو أحسن.

وقد ثبت في الصحاح وغيرها عن جماعة من الصحابة ، عن رسول الله أنه قال: "إن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول هل من تائب فاتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فيعطى سؤله؟ حتى يطلع الفجر" (١).

وقال كثير من المفسرين في قوله تعالى: إخبارًا عن يعقوب أنه قال لبنيه: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ [يوسف: ٩٨] قالوا: أخَّرهم إلى وقت السحر (٢).

وقوله: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩)﴾ لما وصفهم بالصلاة ثنى بوصفهم بالزكاة والبر والصلة فقال: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ﴾ أي: جزء مقسوم قد أفرزوه للسائل والمحروم. أما السائل فمعروف وهو الذي يبتدئ بالسؤال، وله حق كما قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع وعبد الرحمن قالا: حدثنا سفيان، عن مصعب بن محمد، عن يعلى بن أبي يحيى، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي قال: قال رسول الله : "للسائل حق وإن جاء على فرس" (٣). ورواه أبو داود من حديث سفيان الثوري به (٤). ثم أسنده من وجه آخر عن علي بن أبي طالب (٥)، وروي من حديث الهرماس بن زياد مرفوعًا (٦).

وأما المحروم فقال ابن عباس ومجاهد: هو المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم (٧)؛ يعني: لا سهم له في بيت المال ولا كسب له ولا حرفة يتقوت منها.

وقالت أم المؤمنين عائشة: هو المحارف الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه (٨).

وقال الضحاك: هو الذي لا يكون له مال إلا ذهب، قضى الله تعالى له ذلك (٩).

وقال أبو قلابة: جاء سيل باليمامة فذهب بمال رجل، فقال رجل من الصحابة: هذا المحروم (١٠) وقال ابن عباس أيضًا وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي ونافع مولى ابن عمر


(١) أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة (صحيح البخاري، التهجد، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل ح ١١٤٥)، وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، باب الترغيب في الدعاء … (ح ٧٥٨).
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم بلاغًا.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٢٥٤ ح ١٧٣٠) وضعف سنده محققوه لجهالة يعلى بن أبي يحيى.
(٤) السنن، الزكاة، باب حق السائل (ح ١٦٦٥)، وسنده كسابقه.
(٥) المصدر السابق (ح ١٦٦٦) وفي سنده رجل مجهول لم يسم.
(٦) أخرجه الطبراني بسند ضعيف من طريق عثمان بن فائد عن عكرمة بن عمار عن الهرماس به (المعجم الكبير ٢٢/ ٢٠٣ ح ٥٣٥) وأعله الهيثمي بعثمان بن فائد (مجمع الزوائد ٣/ ١٠٤)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (ح ١٣٧٨).
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٧/ ٦٦٩) والطبري كلاهما من طريق قيس بن كركم عن ابن عباس، وقيس سكت عنه ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل ٧/ ١٠٣) ويتقوى بالشواهد التالية، وأخرجه عبد الرزاق وآدم بن أبي إياس بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد مختصرًا.
(٨) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.
(٩) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(١٠) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عاصم عن أبي قلابة.