للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠)[الواقعة].

وقوله تعالى: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢)﴾ هذا هو المقسم عليه، وهو الشهادة للرسول بأنه راشد تابع للحق ليس بضال، وهو الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم، والغاوي هو العالم بالحق، العادل عنه قصدًا إلى غيره، فنزه الله رسوله وشرعه، عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود. وهي علم الشيء وكتمانه، والعمل بخلافه، بل هو صلاة الله وسلامه عليه وما بعثه الله به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد، ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)﴾ أي: ما يقول قولًا عن هوى وغرض

﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)﴾ أي: إنما يقول ما أمر به يبلغه إلى الناس كاملًا موفورًا من غير زيادة ولا نقصان كما رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا حَريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن أبي أُمامة أنه سمع رسول الله يقول: "ليدخلنّ الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين - أو مثل أحد الحيين - ربيعة ومضر" فقال رجل: يا رسول الله أو ما ربيعة من مضر؟ قال: "إنما أقول ما أقول" (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن الأخنس، أخبرنا الوليد بن عبد الله، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله أريد حفظه، فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله ، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب. فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله فقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق" (٢). ورواه أبو داود، عن مسدد وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان (٣) به.

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "ما أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي لا شك فيه" ثم قال: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد (٤).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس، حدثنا ليث، عن محمد بن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن رسول الله أنه قال: "لا أقول إلا حقًّا" قال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول الله؟ قال: "إني لا أقول إلا حقًّا" (٥).


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٦/ ٥٤٧ ح ٢٢٢١٥)، قال محققوه: صحيح بطرقه وشواهده دون قوله: "فقال رجل: يا رسول. . ." إلخ.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١١/ ٥٧، ٥٨ ح ٦٥١٠)، وصحح سنده محققوه، وقبلهم الأستاذ أحمد شاكر.
(٣) السنن، العلم، باب في كتابة العلم (ح ٣٦٤٦) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٠٩٩).
(٤) أخرجه البزار بسنده ومتنه (مختصر زوائد مسند البزار وقال الهيثمي: فيه أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر وبقية رجاله رجال الصحيح، وعبد الله بن صالح مختلف فيه مجمع الزوائد ١/ ١٧٩).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٤/ ١٨٥ ح ٨٤٨١) وقال محققوه: إسناده قوي.