للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السدي: قال أبو صالح سئلت عن اللمم فقلت: هو الرجل يصيب الذنب ثم يتوب، وأخبرت بذلك ابن عباس فقال: لقد أعانك عليها ملك كريم (١)، حكاه البغوي.

وروى ابن جرير من طريق المثنى بن الصباح - وهو ضعيف - عن عمرو بن شعيب أن عبد الله بن عمرو قال: اللمم ما دون الشرك (٢).

وقال سفيان الثوري: عن جابر الجعفي، عن عطاء، عن ابن الزبير ﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾ قال: ما بين الحدّين حدّ الدنيا وعذاب الآخرة (٣). وكذا رواه شعبة عن الحكم، عن ابن عباس مثله سواء (٤).

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾ كل شيء بين الحدّين حد الدنيا وحد الآخرة، تكفره الصلوات فهو اللمم، وهو دون كل موجب، فأما حدّ الدنيا فكل حدّ فرض الله عقوبته في الدنيا، وأما حدّ الآخرة فكل شيء ختمه الله بالنار وأخر عقوبته إلى الآخرة (٥). وكذا قال عكرمة وقتادة والضحاك (٦).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ أي: رحمته وسعت كل شيء ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها كقوله تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)[الزمر].

وقوله تعالى: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ أي: هو بصير بكم عليم بأحوالكم وأفعالكم وأقوالكم التي ستصدر عنكم، وتقع منكم حين أنشأ أباكم من الأرض، واستخرج ذريته من صلبه أمثال الذرّ، ثم قسمهم فريقين: فريقًا للجنة وفريقًا للسعير. وكذا قوله: ﴿وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ قد كتب الملك الذي يوكل به رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد؟

قال مكحول: كنَّا أجنةً في بطون أمهاتنا فسقط منا من سقط، وكنا فيمن بقي ثم كنا مراضع فهلك منا من هلك، وكنا فيمن بقي ثم صرنا يفعة فهلك منا من هلك، وكنا فيمن بقي ثم صرنا شبابًا فهلك منا من هلك، وكنا فيمن بقي ثم صرنا شيوخًا لا أبا لك فماذا بعد هذا ننتظر؟ رواه ابن أبي حاتم عنه.

وقوله: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي: تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٤٩)[النساء].

وقال مسلم في صحيحه: حدثنا عمرو الناقد، حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا الليث، عن


(١) أخرجه البغوي عن السدي، وسنده ضعيف لضعف أبي صالح وهو باذام أو باذان مولى أم هاني .
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفيه المثنى بن الصباح وقد ضعفه الحافظ ابن كثير.
(٣) أخرجه الطبري عن ابن حميد عن مهران عن سفيان به، وسنده ضعيف لضعف ابن حميد المتقدم قبل ثلاث روايات، وفيه جابر الجعفي أيضًا.
(٤) أخرجه الطبري من طريق شعبة به، والحكم هو ابن عُتيبة لم يسمع من ابن عباس، وسنده منقطع.
(٥) أخرجه الطبري من طريق العوفي به وسنده ضعيف.
(٦) أخرجه الطبري وفي سنده ابن حميد وهو ضعيف كما تقدم، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.