للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جريج: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥)﴾ يا محمد والأول أولى، وهو اختيار ابن جرير (١).

﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)﴾.

﴿هَذَا نَذِيرٌ﴾ يعني محمدًا ﴿مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾ أي: من جنسهم أرسل كما أرسلوا كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٩].

﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧)﴾ أي: اقتربت القريبة وهي القيامة

﴿لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (٥٨)﴾ أي: لا يدفعها إذًا من دون الله أحد ولا يطلع على علمها سواه،

ثم قال تعالى منكرًا على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم ﴿تَعْجَبُونَ﴾ من أن يكون صحيحًا

﴿وَتَضْحَكُونَ﴾ منه استهزاء وسخرية ﴿وَلَا تَبْكُونَ﴾ أي: كما يفعل الموقنون به كما أخبر عنهم ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)[الإسراء].

وقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١)﴾ قال سفيان الثوري: عن أبيه، عن ابن عباس قال: الغناء هي يمانية أسمد لنا غنِّ لنا (٢)، وكذا قال عكرمة (٣)، وفي رواية عن ابن عباس ﴿سَامِدُونَ﴾ معرضون (٤)، وكذا قال مجاهد وعكرمة، وقال الحسن: غافلون، وهو رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وفي رواية عن ابن عباس: تستكبرون (٥)، وبه يقول السدي، ثم قال تعالى آمرًا لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله والتوحيد والإخلاص

﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)﴾ أي: فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوه.

قال البخاري: حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: سجد النبي بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس (٦). انفرد به دون مسلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح، عن عمر، عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة، عن أبيه قال: قرأ رسول الله بمكة سورة النجم فسجد وسجد من عنده فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب فكان بعد ذلك لا يسمع أحدًا يقرؤها إلا سجد معه (٧). وقد رواه النسائي في الصلاة عن عبد الملك بن عبد الحميد، عن أحمد بن حنبل به (٨). [ذكر حديث له مناسبة بما تقدم من قوله


(١) اختاره ولم يذكر سواه.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق الثوري عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس.
(٣) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن عكرمة.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند حسن من طريق عكرمة عن ابن عباس.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق الضحاك عن ابن عباس بلفظ: "شامخين". والضحاك لم يلق ابن عباس.
(٦) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)﴾ [النجم] ح ٤٨٦٢).
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه (المسند ٤٥/ ٢٢٠ ح ٢٧٢٤٥) وقال محققوه: صحيح لغيره.
(٨) السنن، سجود القرآن، باب السجود في ﴿وَالنَّجْمِ﴾ [النجم: ١] ٢/ ١٦٠، وصحح الحافظ ابن حجر رواية النسائي (فتح الباري ٨/ ٦١٥) وحسنه الألباني في صحيح سنن النسائي (ح ٩١٨).