للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأحدهم: سلام لك؛ أي: لا بأس عليك أنت إلى سلامة، أنت من أصحاب اليمين.

وقال قتادة وابن زيد: سلم من عذاب الله وسلَّمت عليه ملائكة الله (١)، كما قال عكرمة: تسلِّم عليه الملائكة وتخبره أنه من أصحاب اليمين، وهذا معنى حسن، ويكون ذلك كقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)[فصلت].

وقال البخاري: ﴿فَسَلَامٌ لَكَ﴾ أي: مسلّم لك أنك ﴿مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ وألغيت إن وبقي معناها كما تقول أنت مصدق مسافر عن قليل إذا كان قد قال إني مسافر عن قليل، وقد يكون كالدعاء له كقولك: سُقيًا لك من الرجال إن رفعت السلام، فهو من الدعاء (٢)، وقد حكاه ابن جرير هكذا عن بعض أهل العربية ومالَ إليه والله أعلم (٣).

وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤)﴾ أي: وأما إن كان المحتضر من المكذبين بالحق الضالين عن الهدى

﴿فَنُزُلٌ﴾ أي: فضيافة ﴿مِنْ حَمِيمٍ﴾ وهو المذاب الذي يصهر به ما في بطونهم والجلود

﴿وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤)﴾ أي: وتقرير له في النار التي تغمره من جميع جهاته.

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥)﴾ أي: إن هذا الخبر لهو حق اليقين الذي لا مرية فيه ولا محيد لأحد عنه ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)﴾.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا موسى بن أيوب الغافقي، حدثني عمي إياس بن عامر، عن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت على رسول الله

﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)﴾ قال: "اجعلوها في ركوعكم" ولما نزلت ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)[الأعلى] قال رسول الله : "اجعلوها في سجودكم" (٤). وكذا رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن المبارك، عن موسى بن أيوب (٥) به.

وقال روح بن عبادة: حدثنا حجاج الصواف، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله : "من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة". هكذا رواه الترمذي من حديث روح، ورواه هو والنسائي أيضًا من حديث حماد بن سلمة، من حديث أبي الزبير، عن جابر، عن النبي به، وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي الزبير (٦).


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٢) ذكره البخاري بلفظه (ينظر فتح الباري ٨/ ٦٢٥) وهو منقول عن الفراء في (معاني القرآن ٣/ ١٣١).
(٣) أي: نقله عن الفراء أيضًا.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ١٥٥). وفي سنده موسى بن أيوب: مقبول (التقريب ص ٥٤٩).
(٥) سنن أبي داود، الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه (ح ٨٦٩) وسنن ابن ماجه، الإقامة، باب التسبيح في الركوع والسجود (ح ٨٨٧) وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه.
(٦) سنن الترمذي، الدعوات، باب فضل سبحان الله (ح ٣٤٦٠) والسنن الكبرى، عمل اليوم والليلة (ح ١٠٦٦٣) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٢٧٥٧).