للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي موسى، عن النبي قال: "مثلُ المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استعمل قومًا يعملون له عملًا يومًا إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار فقالوا: لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملًا، فأبوا وتركوا واستأجر آخرين بعدهم فقال: أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلوا العصر قالوا: ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه. فقال: أكملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير فأبوا. فاستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم فعملوا له بقية يومهم حتى غابت الشمس، فاستكملوا أجرة الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور" (١). انفرد به البخاري ولهذا قال تعالى: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ أي: ليتحققوا أنهم لا يقدرون على ردِّ ما أعطاه الله ولا إعطاء ما منع الله ﴿وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.

قال ابن جرير: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ أي: ليعلم، وقد ذكر عن ابن مسعود أنه قرأها (لكي يعلم) (٢) وكذا خطاب بن عبد الله، وسعيد بن جبير (٣). قال ابن جرير: لأن العرب تجعل "لا" صلة في كل كلام دخل في أوله أو آخره جحد غير مصرح فالسابق كقوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ﴾ [الأعراف: ١٢] ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنعام: ١٠٩] بالله ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (٩٥)(٤) [الأنبياء]. آخر تفسير سورة الحديد.


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، الإجارة، باب الإجارة من العصر إلى الليل ح ٢٢٧١).
(٢) ذكره الطبري بنحوه، وهي قراءة شاذة تفسيرية.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي هارون الغنوي عن خطاب بن عبد الله، وأخرجه أيضًا بسند صحيح من طريق أبي المعلى عن سعيد بن جبير.
(٤) ذكره الطبري بنحوه.