للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد روي من وجه آخر، عن علي قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسن [الهسنجاني] (١)، حدثنا عبيد بن يعيش، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي سنان هو: سعيد بن سنان، عن عمرو بن مرة الجملي، عن أبي البحتري الطائي، عن الحارث، عن علي قال: لما أراد النبي أن يأتي مكة أسرَّ إلى أناس من أصحابه أنه يريد مكة منهم حاطب بن أبي بلتعة، وأفشى في الناس أنه يريد خيبر، قال: فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن رسول الله يريدكم، فأخبر رسول الله ، قال: فبعثني رسول الله وأبا مرثد وليس منا رجل إلا وعنده فرس فقال: "ائتوا روضة خاخ، فإنكم ستلقون بها امرأة معها كتاب فخذوه منها".

فانطلقنا حتى رأيناها بالمكان الذي ذكر رسول الله فقلنا لها: هاتِ الكتاب. فقالت: ما معي كتاب، فوضعنا متاعها وفتشناها فلم نجده في متاعها، فقال أبو مرثد: لعله أن لا يكون معها، فقلت: ما كذب رسول الله ولا كذبنا، فقلنا لها: لتخرجنه أو لنعرينك. فقالت: أما تتقون الله! ألستم مسلمين! فقلنا: لتخرجنه أو لنعرينك. قال عمرو بن مرة: فأخرجته من حجزتها. وقال حبيب بن أبي ثابت: أخرجته من قبلها، فأتينا به رسول الله فإذا الكتاب من حاطب بن أبي بلتعة، فقام عمر فقال: يا رسول الله خان الله ورسوله، فائذن لي فلأضرب عنقه، فقال رسول الله : "أليس قد شهد بدرًا؟ " قالوا: بلى، وقال عمر: بلى ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك، فقال رسول الله : "فلعلَّ الله اطَّلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم إني بما تعملون بصير" ففاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم فأرسل، رسول الله إلى حاطب فقال: "يا حاطب ما حملك على ما صنعت؟ " فقال: يا رسول الله إني كنت امرأً ملصقًا في قريش، وكان لي بها مال وأهل ولم يكن من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع أهله وماله، فكتبت بذلك إليهم والله يا رسول الله إني لمؤمن بالله ورسوله، فقال رسول الله : "صدق حاطب فلا تقولوا لحاطب إلا خيرًا" قال حبيب بن أبي ثابت: فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ (٢). الآية وهكذا رواه ابن جرير، عن ابن حميد، عن مهران، عن أبي سنان سعيد بن سنان بإسناده مثله (٣).

وقد ذكر ذلك أصحاب المغازي والسير فقال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قال: لما أجمع رسول الله المسير إلى مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله من الأمر في السير إليهم ثم أعطاه امرأة، زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة، وزعم غيره أنها سارة مولاة لبني عبد المطلب وجعل لها جعلًا على أن تبلغه لقريش، فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها، ثم خرجت به، وأتى رسول الله الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال: "أدركا امرأة قد كتب معها حاطب كتابًا إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم".


(١) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل: صحف إلى: "الهجاني".
(٢) سنده ضعيف لضعف الحارث وهو الأعور الكوفي كما في التقريب، ولبعضه شواهد تقدمت في الصحيح.
(٣) أخرجه الطبري عن ابن حميد به، وسنده كسابقه.