للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي الصحيحين من طريق الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : "ليس منا من ضرب الخدود وشقَّ الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" (١).

وفي الصحيحين أيضًا عن أبي موسى أن رسول الله برئ من الصالقة والحالقة والشاقة (٢) (٣).

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي كثير أن زيدًا حدثه أن أبا سلام حدثه أن أبا مالك الأشعري حدثه أن رسول الله قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة على الميت، وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب" (٤). ورواه مسلم في صحيحه منفردًا به من حديث أبان بن يزيد العطار به (٥).

وعن أبي سعيد أن رسول الله لعن النائحة والمستمعة، رواه أبو داود (٦).

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (١٣)﴾.

ينهى عن موالاة الكافرين في آخر هذه السورة كما نهى عنها في أولها فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ يعني: اليهود والنصارى وسائر الكفار ممن غضب الله عليه ولعنه واستحق من الله الطرد والإبعاد، فكيف توالونهم وتتخذونهم أصدقاء وأخلاء وقد قيسوا من الآخرة؛ أي: من ثواب الآخرة ونعيمها في حكم الله ﷿؟

وقوله تعالى: ﴿كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ فيه قولان:

أحدهما: كما يئس الكفار الأحياء من قراباتهم الذين في القبور أن يجتمعوا بهم بعد ذلك لأنهم لا يعتقدون بعثًا ولا نشورًا، فقد انقطع رجاؤهم منهم فيما يعتقدونه.

قال العوفي، عن ابن عباس: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ إلى آخر السورة يعني من مات من الذين كفروا فقد يئس الأحياء من الذين كفروا أن يرجعوا إليهم أو يبعثهم الله ﷿ (٧).


(١) صحيح البخاري، الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود (ح ١٢٩٧) وصحيح مسلم، الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود (ح ١٦٥).
(٢) الصالقة هي: التي ترفع صوتها، والحالقة: التي تحلق شعرها، والشاقة: التي تشق الجيوب.
(٣) صحيح البخاري، الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة (ح ١٢٩٦) وصحيح مسلم، الباب السابق (ح ١٦٧).
(٤) أخرجه أبو يعلى بسنده ومتنه (المسند ٣/ ١٤٨ ح ١٥٧٧) وسنده صحيح.
(٥) صحيح مسلم، الجنائز، باب التشديد في النياحة (ح ٩٣٤).
(٦) أخرجه أبو داود من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد (السنن، الجنائز، باب في النوح ح ٣١٢٨)، وسنده ضعيف لضعف عطية.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.