للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أسلم وقتادة (١).

وزعم مقاتل بن حيان أن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم، وكان معها طبل فانصرفوا إليها وتركوا رسول الله قائمًا على المنبر إلا القليل منهم (٢)، وقد صحَّ بذلك الخبر (٣) فقال الإمام أحمد: حدثنا ابن إدريس، عن حُصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر قال: قدمت غير مرة المدينة، ورسول الله يخطب فخرج الناس وبقي اثنا عشر رجلًا فنزلت ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ (٤). أخرجاه في الصحيحين من حديث سالم به (٥).

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا هشيم، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد وأبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: بينما النبي يخطب يوم الجمعة، فقدمت عير إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله ، حتى لم يبقَ مع رسول الله إلا اثنا عشر رجلًا فقال رسول الله : "والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد لسال بكم الوادي نارًا" ونزلت هذه الآية ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ وقال: كان في الاثني عشر الذين ثبتوا مع رسول الله : أبو بكر وعمر (٦).

وفي قوله تعالى: ﴿وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ دليل على أن الإمام يخطب يوم الجمعة قائمًا. وقد روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة قال: كانت للنبي خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس (٧)، ولكن ههنا شيء ينبغي أن يعلم وهو: أن هذه القصة قد قيل إنها كانت لما كان رسول الله يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة، كما رواه أبو داود في كتاب المراسيل، حدثنا محمود بن خالد، عن الوليد، أخبرني أبو معاذ بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان يقول: كان رسول الله يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين، حتى إذا كان يوم والنبي يخطب، وقد صلى الجمعة، فدخل رجل فقال: إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة؛ يعني: فانفضّوا ولم يبق معه إلا نفر يسير (٨).

وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ أي: الذي عند الله من الثواب في الدار الآخرة ﴿خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ أي: لمن توكل عليه وطلب الرزق في وقته.

آخر تفسير سورة الجمعة، ولله الحمد والمنة.


(١) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن الحسن، وأخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد بن أسلم وهذه المراسيل يقوي بعضها بعضًا.
(٢) أخرجه البيهقي بسند ضعيف معضل عن مقاتل بن حيان. (الجامع لشعب الإيمان رقم ٦٤٩٥)، وهو مخالف لما سيأتي في الصحيحين إذ ليس فيهما ذكر الطبل.
(٣) أي: الخبر الذي ورد عن الصحابي جابر التابعين وليس عن مقاتل بن حيان وهو من اتباع التابعين.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٣١٣) وسنده صحيح.
(٥) صحيح البخاري، البيوع، باب قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا﴾ [الجمعة: ١١] (ح ٤٨٩٩) وصحيح مسلم، الجمعة، باب في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا﴾ (ح ٨٦٣).
(٦) أخرجه أبو يعلى بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٤٦٨ ح ١٩٧٩) وصحح سنده محققه.
(٧) صحيح مسلم، الجمعة، باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة (ح ٨٦٣).
(٨) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (المراسيل ص ١٠٤ رقم ٦٢ وسنده ضعيف لأنه معضل).