للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طريق أخرى عن زيد:

قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي سعيد الأزدي، قال: حدثنا زيد بن أرقم قال: غزونا مع رسول الله ، وكان معنا أناس من الأعراب، فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقوننا إليه فسبق أعرابي أصحابه ليملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه، قال: فأتى رجل من الأنصار الأعرابي فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه فانتزع حجرًا فغاض الماء، فرفع الأعرابي خشبته فضرب بها رأس الأنصاري فشجه، فأتى عبد الله بن أُبي رأس المنافقين فأخبره، وكان من أصحابه فغضب عبد الله بن أُبي ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله؛ يعني: الأعراب، وكانوا يحضرون رسول الله عند الطعام، فقال عبد الله لأصحابه: إذا انفضُّوا من عند محمد فائتوا محمدًا بالطعام فليأكل هو ومن معه، ثم قال لأصحابه: لئن رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل.

قال زيد: وأنا ردف عمي، قال فسمعت عبد الله بن أُبي يقول ما قال: فأخبرت عمي فانطلق فأخبر رسول الله فأرسل إليه رسول الله فحلف وجحد، قال فصدقه رسول الله وكذبني، قال: فجاء إلي عمي فقال: ما أردت إلا أن مقتك رسول الله وكذبك والمسلمون، قال: فوقع علي من الغمِّ ما لم يقع على أحد قط، قال: فبينما أنا أسير مع رسول الله في سفر، وقد خفقت برأسي من الهمِّ، إذ أتاني رسول الله فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا، ثم إن أبا بكر لحقني وقال: ما قال لك رسول الله ؟ قلت: ما قال شيئًا إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي، فقال: أبشر ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر، فلما أن أصبحنا قرأ رسول الله سورة المنافقين (١). انفرد بإخراجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهكذا رواه الحافظ البيهقي، عن الحاكم [عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي، عن سعيد بن مسعود عن] (٢) عبيد الله بن موسى به، وزاد بعد قوله سورة المنافقين ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ [المنافقون: ١] حتى بلغ ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا﴾ حتى بلغ ﴿لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾.

وقد روى عبد الله بن لهيعة، عن أبي الأسود عروة بن الزبير في المغازي، وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه أيضًا هذه القصة بهذا السياق، ولكن جعلا الذي بلّغ رسول الله كلام عبد الله بن أُبي بن سلول إنما هو أوس بن أرقم من بني الحارث بن الخزرج، فلعله مبلغ آخر أو تصحيف من جهة السمع والله أعلم.

وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عزيز الأيلي، حدثني سلامة، حدثني عقيل،


(١) أخرجه الترمذي بسنده ومتنه (السنن، التفسير، باب ومن سورة المنافقون ح ٣٣١٣) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ٢٦٤٠)، وأخرجه الحاكم من طريق عبيد الله بن موسى به وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٤٨٨ - ٤٨٩) وأخرجه البيهقي عن الحاكم به (دلائل النبوة ٤/ ٥٤).
(٢) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.