للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدين القويم ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ كقوله تعالى إخبارًا عن نوح أنه قال لقومه: ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥)[نوح] وقوله تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [الإسراء: ٤٤].

وقوله: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ أي: سبعًا أيضًا كما ثبت في الصحيحين: "من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين" (١) وفي صحيح البخاري "خسف به إلى سبع أرضين" (٢) وقد ذكرت طرقه وألفاظه وعزوه في أول البداية والنهاية عند ذكر خلق الأرض ولله الحمد والمنة.

ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النجعة، وأغرق في النزع، وخالف القرآن والحديث بلا مستند، وقد تقدم في سورة الحديد عند قوله: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ [٣] ذكر الأرضين السبع وبُعد ما بينهن، وكثافة كل واحدة منهن خمسمائة عام، وهكذا قال ابن مسعود وغيره، وكذا في الحديث الآخر: "ما السماوات السبع وما فيهن وما بينهن والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة" (٣).

وقال ابن جرير: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها (٤).

وحدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي والأشعري، عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي، عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عباس: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ الآية فقال ابن عباس: ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر (٥).

وقال ابن جرير: حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس في هذه الآية ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ قال عمرو: قال في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق.

وقال ابن المثنى في حديثه: في كل سماء إبراهيم (٦).

وروى البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" هذا الأثر عن ابن عباس بأبسط من هذا فقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أحمد بن يعقوب، حدثنا عبيد بن غنام النخعي، أخبرنا علي بن حكيم، حدثنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس أنه قال: ﴿اللَّهُ


(١) أخرجه الشيخان من حديث عائشة . (صحيح البخاري، المظالم، باب إثم من ظلم شيئًا في الأرض ح ٢٤٥٣) وصحيح مسلم، البيوع، باب تحريم الظلم وغصب الأرض (ح ١٦١٢).
(٢) أخرجه البخاري من حديث ابن عمر (الصحيح، الباب السابق ح ٢٤٥٤).
(٣) تقدم تخريجه في تفسير سورة الرعد آية ٢.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده إبراهيم بن مهاجر فيه مقال (التقريب ص ٩٤).
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي: ضعيف.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه الحاكم من طريق آدم بن أبي إياس عن شعبة به، وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٤٩٣). وصححه البيهقي كما سيأتي بعد الرواية الآتية.