للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الأنصاري، حدثنا حميد، عن أنس قال: قال عمر بن الخطاب: بلغني شيء كان بين أمهات المؤمنين وبين النبي ، فاستقريتهن أقول: لتكفنَّ عن رسول الله أو ليبدلنه الله أزواجًا خيرًا منكن، حتى أتيت على آخر أمهات المؤمنين فقالت: يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهنّ، فأمسكتُ، فأنزل الله ﷿: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (٥)(١).

وهذه المرأة التي ردَّته عمَّا كان فيه من وعظ النساء هي أُم سلمة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري.

وقال الطبراني: حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني، حدثنا إسماعيل البجلي، حدثنا أبو عوانة، عن أبي سنان، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ قال: دخلت حفصة على النبي في بيتها وهو يطأ مارية فقال لها رسول الله : "لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة إن أباك يلي الأمر من بعد أبي بكر إذا أنا متُّ"، فذهبت حفصة فأخبرت عائشة، فقالت عائشة لرسول الله : من أنبأك هذا؟ قال: ﴿نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾ " فقالت عائشة: لا أنظر إليك حتى تحرم مارية فحرمها فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ﴾ (٢) إسناده فيه نظر، وقد تبين مما أوردناه تفسير هذه الآيات الكريمات ومعنى قوله: ﴿مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ﴾ ظاهر.

وقوله: ﴿سَائِحَاتٍ﴾ أي: صائمات، قاله أبو هريرة وعائشة وابن عباس وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء ومحمد بن كعب القرظي وأبو عبد الرحمن السلمي وأبي مالك وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس والسدي وغيرهم (٣).

وتقدم في حديث مرفوع عند قوله: ﴿السَّائِحُونَ﴾ في سورة براءة ولفظه سياحة هذه الأمة الصيام (٤).

وقال زيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن: ﴿سَائِحَاتٍ﴾ أي: مهاجرات وتلا عبد الرحمن: ﴿السَّائِحُونَ﴾ [التوبة: ١١٢] (٥). أي: المهاجرون. والقول الأول أولى، والله أعلم.


(١) هذا السند فيه اضطراب أرى فيه انقطاعًا بين الأنصاري وحميد، وابن أبي حاتم ليس كعادته أن يذكر الرجل بنسبة مبهمة كذكر الأنصاري دون ذكر اسم.
(٢) أخرجه الطبراني (المعجم الكبير ١٢/ ١١٧ ح ١٢٦٤٠) وسنده ضعيف لأن الضحاك لم يلق ابن عباس، وإسماعيل البجلي ضعيف (مجمع الزوائد ٥/ ١٨١).
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس، ويتقوى بما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة بلفظه. وتقدم تخريجه عن جمع من السلف المفسرين في تفسير سورة التوبة آية ١١٢.
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة التوبة آية ١١٢.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بنحوه.