للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها". قال: فوقع الشيخ مغشيًا عليه، فوضع النبي يده على فؤاده فإذا هو حي فناداه قال: يا شيخ قل: لا إله إلا الله، فقالها فبشره بالجنة قال: فقال أصحابه: يا رسول الله أمن بيننا؟ قال: "نعم يقول الله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾ (١) [إبراهيم: ١٤] " هذا حديث مرسل غريب. وقوله: ﴿عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ﴾ أي: طباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين بالله، ﴿شِدَادٌ﴾ أي: تركيبهم في غاية الشدة والكثافة والمنظر المزعج كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثنا أبي، عن عكرمة أنه قال: إذا وصل أول أهل النار إلى النار وجدوا على الباب أربع مئة ألف من خزنة جهنم سود وجوههم كالحة أنيابهم قد نزع الله من قلوبهم الرحمة، ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة لو طير الطير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر، ثم يجدون على الباب التسعة عشر، عرض صدر أحدهم سبعون خريفًا ثم يهوون من باب إلى باب خمس مئة سنة، ثم يجدون على كل باب منها مثل ما وجدوا على الباب الأول حتى ينتهوا إلى آخرها (٢).

وقوله: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ أي: مهما أمرهم به تعالى يبادرون إليه لا يتأخرون عنه طرفة عين وهم قادرون على فعله ليس بهم عجز عنه، وهؤلاء هم الزبانية عياذًا بالله منهم.

وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧)﴾ أي: يقال للكفرة يوم القيامة لا تعتذروا فإنه لا يقبل منكم ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون وإنما تجزون اليوم بأعمالكم.

ثم قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ أي: توبة صادقة جازمة تمحو ما قبلها من السيئات وتلم شعث التائب وتجمعه وتكفه عما كان يتعاطاه من الدناءات.

قال ابن جرير: حدثنا ابن مثنى، حدثنا محمد، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، سمعت النعمان بن بشير يخطب، سمعت عمر بن الخطاب يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ قال: يذنب الذنب ثم لا يرجع فيه (٣).

وقال الثوري: عن سماك، عن النعمان، عن عمر قال: التوبة النصوح أن يتوب من الذنب ثم لا يعود فيه أو لا يريد أن يعود فيه (٤).

وقال أبو الأحوص وغيره، عن سماك، عن النعمان سئل عمر عن التوبة النصوح فقال: أن يتوب الرجل من العمل السيئ ثم لا يعود إليه أبدًا (٥).


(١) سنده ضعيف لأنه معضل.
(٢) سنده ضعيف لضعف إبراهيم بن الحكم بن أبان. (التقريب ص ٨٩).
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن ويشهد له ما ثبت عن ابن مسعود .
(٤) أخرجه الطبري والحاكم من طريق الثوري به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٤٩٥).
(٥) أخرجه الطبري من طريق أبي الأحوص به وسنده حسن.