للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥)﴾ قيل: معناه: لانتقمنا منه باليمين لأنها أشد في البطش، وقيل: لأخذنا منه بيمينه

﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦)﴾ قال ابن عباس: وهو نياط القلب (١). وهو العرق الذي القلب معلق فيه، وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير والحكم وقتادة والضحاك، ومسلم البطين وأبو صخر حميد بن زياد (٢).

وقال محمد بن كعب: هو: القلب ومراقه وما يليه.

وقوله تعالى: ﴿فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧)﴾ أي: فما يقدر أحد منكم أن يحجز بيننا وبينه إذا أردنا به شيئًا من ذلك. والمعنى في هذا بل هو صادق بار راشد لأن الله ﷿ مقرر له ما يبلغه عنه ومؤيد له بالمعجزات الباهرات والدلالات القاطعات.

ثم قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨)﴾ يعني: القرآن كما قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ [فصلت: ٤٤]

ثم قال تعالى: ﴿وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩)﴾ أي: مع هذا البيان والوضوح سيوجد منكم من يكذب بالقرآن.

ثم قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)﴾.

قال ابن جرير: وإن التكذيب لحسرة على الكافرين يوم القيامة (٣). وحكاه عن قتادة بمثله (٤).

وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي، عن أبي مالك ﴿وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (٥٠)﴾ يقول: لندامة (٥)، ويحتمل عود الضمير على القرآن؛ أي: وإن القرآن والإيمان به لحسرة في نفس الأمر على الكافرين كما قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [الشعراء] وقال تعالى: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ [سبأ: ٥٤] ولهذا قال ههنا: ﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١)﴾ أي: الخبر الصادق الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ولا ريب،

ثم قال تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢)﴾ أي: الذي أنزل هذا القرآن العظيم.

آخر تفسير سورة الحاقة، ولله الحمد.


(١) أخرجه الطبري بأسانيد حسان وأسانيد يقوى بعضها بعضًا، وأخرجه الحاكم عن ابن عباس بلفظ: "حبل القلب"، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٥٠١).
(٢) أخرجه الطبري بسندين عن سعيد بن جبير يقوي أحدهما الآخر؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد وقول عكرمة عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(٣) ذكره الطبري بلفظه.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: "ذاكم يوم القيامة".
(٥) سنده حسن، ومعناه صحيح.