للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لِيَعْلَمَ﴾ محمد ﴿أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ (١) ورواه ابن أبي حاتم من حديث يعقوب القمي به. وهكذا رواه الضحاك والسدي ويزيد بن أبي حبيب.

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ﴾ قال: ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلّغت عن الله وأن الملائكة حفظتها ودفعت عنها (٢)، وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة (٣) واختاره ابن جرير.

وقيل غير ذلك كما رواه العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧)﴾ قال: هي معقبات من الملائكة يحفظون النبي من الشيطان حتى يتبين الذي أرسل به إليهم، وذلك حين يقول ليعلم أهل الشرك أن قد أبلغوا رسالات ربهم (٤). وكذا قال ابن أبي نجيح عن مجاهد: ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ﴾ قال: ليعلم من كذب الرسل أن قد أبلغوا رسالات ربهم (٥)، وفي هذا نظر.

وقال البغوي: قرأ يعقوب "ليُعلم" بالضم؛ أي: ليعلم الناس أن الرسل قد أبلغوا (٦).

ويحتمل أن يكون الضمير عائدًا إلى الله ﷿، وهو قول حكاه ابن الجوزي في زاد المسير (٧)، ويكون المعنى في ذلك أنه يحفظ رسله بملائكته ليتمكنوا من أداء رسالاته ويحفظ ما ينزله إليهم من الوحي ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم، ويكون ذلك كقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ [البقرة: ١٤٣] وكقوله تعالى: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (١١)[العنكبوت] إلى أمثال ذلك من العلم بأنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعًا لا محالة، ولهذا قال بعد هذا: ﴿وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾. آخر تفسير سورة الجن، ولله الحمد والمنة.


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه وزيادة: وما نزل جبريل بشيء من الوحي إلا ومعه أربعة حفظة من الملائكة. وسنده ضعيف لإرساله.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة به.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بما يليه.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح به.
(٦) ذكره البغوي (معالم التنزيل ٤/ ٤٠٦).
(٧) ذكر ابن الجوزي (زاد المسير ٨/ ٣٨٦) وذكره أيضًا البغوي كما في المصدر السابق.