للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال إبراهيم النخعي: اصبر عطيتك لله ﷿ (١).

وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)﴾ قال ابن عباس ومجاهد والشعبي وزيد بن أسلم والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس والسدي وابن زيد: ﴿النَّاقُور﴾ الصور (٢).

قال مجاهد: وهو كهيئة القرن (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أسباط بن محمد، عن مطرف، عن عطية العوفي، عن ابن عباس ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨)﴾ فقال: قال رسول الله : "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ؟ " فقال: قال أصحاب رسول الله : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: "قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا". وهكذا رواه الإمام أحمد عن أسباط به، ورواه ابن جرير عن أبي كريب، عن ابن فضيل وأسباط كلاهما عن مطرف به، ورواه من طريق أخرى عن العوفي عن ابن عباس به (٤).

وقوله تعالى: ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩)﴾ أي: شديد ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)﴾ أي: غير سهل عليهم كما قال تعالى: ﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ [القمر: ٨]، وقد روينا عن زُرارة بن أوفى قاضي البصرة أنه صلى بهم الصبح، فقرأ هذه السورة فلما وصل إلى قوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)﴾ شِهقَ شَهقة ثم خرَّ ميتًا (٥).

﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)﴾.

يقول تعالى متوعدًا لهذا الخبيث الذي أنعم الله عليه بنعم الدنيا فكفر بأنعم الله وبدلها كفرًا وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها، وجعلها من قول البشر، وقد عدَّد الله عليه نعمه حيث قال تعالى: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١)﴾ أي: خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد ثم رزقه الله تعالى: ﴿مَالًا مَمْدُودًا﴾ أي: واسعًا كثيرًا قيل: ألف دينار (٦)، وقيل: مائة ألف دينار،


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق مغيرة عن إبراهيم.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عن عكرمة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد، وأخرجه الطبري بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس.
(٣) أخرجه الطبري بالسند الصحيح المتقدم عن مجاهد.
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة آل عمران آية ١٧٣.
(٥) أخرجه أبو نعيم (الحلية ٢/ ٢٥٨) والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٥٠٦).
(٦) أخرجه الطبري بسندين مرسلين عن مجاهد وسعيد بن جبير، وهذان المرسلان يقوي أحدهما الآخر.