للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنس مثل ذلك (١)، وروي عن أبي صالح أنه قال: هي الرسل (٢)، وفي رواية عنه: إنها الملائكة، وهكذا قال أبو صالح في العاصفات والناشرات والفارقات والملقيات: إنها الملائكة.

وقال الثوري: عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي العبيدين قال: سألت ابن مسعود عن ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١)﴾ قال: الريح (٣)، وكذا قال في ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣)﴾ إنها الريح، وكذا قال ابن عَبَّاسٍ ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية عنه (٤).

وتوقف ابن جرير في ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١)﴾ هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضًا أو هي الرياح إذا هبت شيئًا فشيئًا؟ وقطع بأن العاصفات عصفًا: الرياح كما قاله ابن مسعود ومن تابعه، وممن قال ذلك في ﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢)﴾ أيضًا علي بن أبي طالب والسدي (٥)، وتوقف في ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣)﴾ هل هي الملائكة أو الريح كما تقدم.

وعن أبي صالح أن ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣)﴾ هي: المطر (٦)، والأظهر أن ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ﴾ هي الرياح كما قال تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ [الحجر: ٢٢] وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ [الأعراف: ٥٧] وهكذا العاصفات هي الرياح يقال: عصفت الرياح إذا هبَّت بتصويت، وكذا الناشرات هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب ﷿.

وقوله تعالى: ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (٤) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (٦)﴾ يعني: الملائكة. قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري (٧)، ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل تفرق بين الحق والباطل، والهدي والغي، والحلال والحرام، وتلقي إلى الرسل وحيًا فيه إعذار إلى الخلق وإنذار لهم عقاب اللَّه إن خالفوا أمره.

وقوله: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (٧)﴾ هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام؛ أي: ما وعدتم به من قيام الساعة، والنفخ في الصور، وبعث الأجساد وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ومجازاة كل عامل بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر إن هذا كله لواقع؛ أي: لكائن لا محالة.

ثم قال: ﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨)﴾ أي: ذهب ضوءها كقوله: ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢)[التكوير] وكقوله: ﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢)[الانفطار].

﴿وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (٩)﴾ أي: انفطرت وانشقت وتدلَّت أرجاؤها ووهت أطرافها

﴿وَإِذَا الْجِبَالُ


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق مسلم، وهو ابن صُبيح، عن مسروق.
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق إسماعيل، وهو السدي الكبير، عن أبي صالح.
(٣) سنده صحيح وأخرجه آدم بن أبي إياس والطبري من طريق المسعودي عن سلمة بن كهيل به.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس ويتقوى بما يليه: فقد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة؛ وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق إسماعيل، وهو السدي الكبير، عن أبي صالح.
(٥) أخرجه الطبري والحاكم من طريق خالد بن عرعرة عن علي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (المستدرك ٢/ ٥١١)، وقول السدي تقدم ضمن الرواية السابقة.
(٦) أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر من طريق إسماعيل عن أبي صالح.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس، وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق إسماعيل، وهو السدي الكبير، عن أبي صالح.