للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (٣٥)﴾ أي: حينئذٍ يتذكر ابن آدم جميع عمله خيره وشره كما قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى﴾ [الفجر: ٢٣].

﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (٣٦)﴾ أي: أظهرت للناظرين فرآها الناس عيانًا

﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧)﴾ أي: تمرد وعتا

﴿وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨)﴾ أي: قدمها على أمر دينه وأخراه

﴿فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩)﴾ أي: فإن مصيره إلى الجحيم وإن مطعمه من الزقوم ومشربه من الحميم.

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠)﴾ أي: خاف القيام بين يدي الله ﷿، وخاف حكم الله فيه، ونهى نفسه عن هواها وردها إلى طاعة مولاها

﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)﴾ أي: منقلبه ومصيره ورجعه إلى الجنة الفيحاء.

ثم قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤)﴾ أي: ليس علمها إليك ولا إلى أحد من الخلق بل مردها ومرجعها إلى الله ﷿، فهو الذي يعلم وقتها على التعيين ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: ١٨٧] وقال هاهنا: ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤)﴾ ولهذا لما سأل جبريل رسول الله عن وقت الساعة قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" (١).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥)﴾ أي: إنما بعثتك لتنذر الناس وتحذرهم من بأس الله وعذابه، فمن خشي الله وخاف مقامه ووعيده أتبعك فأفلح وأنجح، والخيبة والخسار على من كذبك وخالفك.

وقوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ (٤٦) أي: إذا قاموا من قبورهم إلى المحشر يستقصرون مدة الحياة الدنيا حتى كأنها عندهم كانت عشية من يوم أو ضحى من يوم.

قال جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (٤٦)﴾ أما عشية فما بين الظهر إلى غروب الشمس ﴿أَوْ ضُحَاهَا﴾ ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار (٢).

وقال قتادة: وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة (٣).

آخر تفسير سورة النازعات، [ولله الحمد والمنة] (٤).


(١) أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر ، مطولًا. (الصحيح، الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ح ٨).
(٢) سنده ضعيف لضعف جويبر، وكذلك الضحاك لم يلق ابن عباس .
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) زيادة من (ح).