للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠)﴾ أي: بشماله من وراء ظهره تثنى يده إلى ورائه ويعطى كتابه بها كذلك

﴿فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (١١)﴾ أي: خسارًا وهلاكًا

﴿وَيَصْلَى سَعِيرًا (١٢) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (١٣)﴾ أي: فرحًا لا يفكر في العواقب ولا يخاف مما أمامه، فأعقبه ذلك الفرح اليسير الحزن الطويل.

﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤)﴾ أي: كان يعتقد أنه لا يرجع إلى الله ولا يعيده بعد موته. قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما (١)، والحور هو: الرجوع. قال الله: ﴿بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (١٥)﴾ يعني: بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله خيرها وشرها، فإنه كان به بصيرًا؛ أي: عليمًا خبيرًا.

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (٢٢) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (٢٣) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٤) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٢٥)﴾.

روي عن علي وابن عباس وعبادة بن الصامت وأبي هريرة وشداد بن أوس وابن عمر ومحمد بن علي بن الحسين ومكحول وبكر بن عبد الله المزني وبكير بن الأشج ومالك وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون أنهم قالوا: الشفق: الحمرة (٢).

وقال عبد الرزاق: عن معمر، عن ابن خُثيم، عن ابن لبيبة، عن أبي هريرة قال: الشفق: البياض (٣)، فالشفق: هو حمرة الأفق إما قبل طلوع الشمس؛ كما قاله مجاهد، وإما بعد غروبها؛ كما هو معروف عند أهل اللغة.

قال الخليل بن أحمد: الشفق: الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب قيل: غاب الشفق.

وقال الجوهري: الشفق: بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة، وكذا قال عكرمة: الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء.

وفي صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله أنه قال: "وقت المغرب ما لم يغب الشفق" (٤)، ففي هذا كلِّه دليل على أن الشفق هو كما قاله الجوهري والخليل.


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس؛ وأخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة؛ وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ١/ ٣٣٣)؛ والطبري بسند صحيح من طريق العوام بن حوشب عن مجاهد؛ وعزاه السيوطي إلى سمويه في "فوائده" عن عمر بن الخطاب ؛ وأخرجه عبد الرزاق عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر (المصنف ١/ ٥٥٩ رقم ٢١٢٢)؛ وفي سنده عبد الله بن نافع وهو ضعيف. (التقريب ص ٣٢٦)؛ وأخرجه عبد الرزاق بسند حسن عن محمد بن راشد عن مكحول عن ثور بن يزيد. (المصنف ١/ ٥٥٩ رقم ٢١٢١).
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه. وسنده ضعيف لضعف ابن لبيبة (التقريب ص ٤٩٣) وأيضًا فهو لم يسمع من أبي هريرة.
(٤) صحيح مسلم، المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس (ح ٦١٢).