للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ وذلك أن الجزاء من جنس العمل.

قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)﴾.

يخبر تعالى عن عباده المؤمنين أن ﴿لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ بخلاف ما أعد لأعدائه من الحريق والجحيم، ولهذا قال: ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢)﴾ أي: إن بطشه وانتقامه من أعدائه الذين كذبوا رسله وخالفوا أمره لشديد عظيم قوي؛ فإنه تعالى ذو القوة المتين الذي ما شاء كان كما يشاء في مثل لمح البصر أو هو أقرب، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣)﴾ أي: من قوته وقدرته التامة يبديء الخلق ويعيده كما بدأه بلا ممانع ولا مدافع

﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤)﴾ أي: يغفر ذنب من تاب إليه وخضع لديه ولو كان الذنب من أي شيء كان، و ﴿الْوَدُودُ﴾ قال ابن عباس وغيره: هو الحبيب (١).

﴿ذُو الْعَرْشِ﴾ أي: صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق، و ﴿الْمَجِيدُ﴾ فيه قراءتان: الرفع على أنه صفة للربِّ ﷿، والجر على أنه صفة للعرش (٢). وكلاهما معنى صحيح.

﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦)﴾ أي: مهما أراد فعله؛ لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقهره وحكمته وعدله؛ كما روينا عن أبي بكر الصديق أنه قيل له وهو في مرض الموت: هل نظر إليك الطبيب؟ قال: نعم. قالوا: فما قال لك؟ قال: قال لي: إني فعال لما أريد.

وقوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨)﴾ أي: هل بلغك ما أحلَّ الله بهم من البأس وأنزل عليهم من النقمة التي لم يردها عنهم أحد؟ وهذا تقرير لقوله تعالى: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢)﴾ أي: إذا أخذ الظالم أخذه أخدًا أليمًا شديدًا أخذ عزيز مقتدر.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: مرَّ النبي على امرأة تقرأ: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧)﴾ فقام يستمع فقال: "نعم قد جاءني" (٣).

وقوله تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩)﴾ أي: هم في شك وريب وكفر وعناد ﴿وَاللَّهُ مِنْ


= أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
وأما قول الضحاك وابن أبزَى فقد أخرجهما الطبري بسندين ضعيفين الأول فيه إبهام شيخ الطبري، والثاني فيه ضعف شيخ الطبري.
(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٢) القراءتان متواترتان.
(٣) سنده ضعيف لأنه مرسل.