للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الناس بما أرسلت به إليهم ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ [الرعد: ٤٠] ولهذا قال: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)﴾ قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: "لست عليهم بجبار" أي: لست تخلق الإيمان في قلوبهم (١).

وقال ابن زيد: لست بالذي تكرههم على الإيمان (٢).

قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها: عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ﷿" ثم قرأ: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)(٣). وهكذا رواه مسلم في كتاب الإيمان والترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننيهما من حديث سفيان بن سعيد الثوري به بهذه الزيادة (٤)، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من رواية أبي هريرة بدون ذكر هذه الآية (٥).

وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣)﴾ أي: تولى عن العمل بأركانه وكفر بالحق بجنانه ولسانه، وهذه كقوله تعالى: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢)[القيامة] ولهذا قال: ﴿فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤)﴾ قال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا ليث، عن سعيد بن أبي هلال، عن علي بن خالد، أن أبا أُمامة الباهلي مرَّ على خالد بن يزيد بن معاوية، فسأله عن ألين كلمة سمعها من رسول الله فقال: سمعت رسول الله يقول: "ألا كلكم يدخل الجنة إلا من شرد على الله شراد البعير على أهله" (٦)، تفرد بإخراجه الإمام أحمد، وعلي بن خالد هذا ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه ولم يزد على ما ههنا: روى عن أبي أُمامة وعنه سعيد بن أبي هلال.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥)﴾ أي: مرجعهم ومنقلبهم

﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦)﴾ أي: نحن نحاسبهم على أعمالهم ونجازيهم بها إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.

[آخر تفسير سورة الغاشية، ولله الحمد والمنة] (٧).


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس؛ وأخرجه آدم الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه. (المسند ٣/ ٣٠٠)، وسنده صحيح.
(٤) صحيح مسلم، الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله (ح ٢١)؛ وسنن الترمذي، التفسير، باب ومن سورة الغاشية (ح ٣٣٤١)؛ والسنن الكبرى، التفسير، باب سورة الغاشية (ح ١١٦٧٠).
(٥) صحيح البخاري، الجهاد، باب دعاء النبي الناس إلى الإسلام (ح ٢٩٤٦)؛ وصحيح مسلم، الحديث السابق.
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وحسن سنده محققوه. (المسند ٣٦/ ٥٦٠ ح ٢٢٢٢٦)؛ وعزاه الحافظ ابن حجر إلى الطبراني وقال: سنده جيد. (فتح الباري ١٣/ ٢٥٤)؛ وصححه الألباني بشواهد. (السلسلة الصحيحة ح ٢٠٤٣).
(٧) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل بلفظ: "آخرها".