للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد ثبت في صحيح البخاري، عن ابن عباس مرفوعًا: "ما من أيام العمل الصالح أحبّ إلى الله فيهن من هذه الأيام"؛ يعني: عشر ذي الحجة قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلًا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" (١).

وقيل: المراد بذلك العشر الأول من المحرم، حكاه أبو جعفر بن جرير ولم يعزه إلى أحد (٢).

وقد روى أبو كدينة، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢)﴾ قال: هو العشر الأول من رمضان (٣)، والصحيح القول الأول.

قال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا عياش بن عقبة، حدثني خير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي قال: "إن العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر" (٤). ورواه النسائي عن محمد بن رافع وعبدة بن عبد الله، وكل منهما عن زيد بن الحباب به (٥). ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث زيد بن الحباب به، وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم، وعندي أن المتن في رفعه نكارة، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)﴾ قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة لكونه التاسع، وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر، وقاله ابن عباس وعكرمة والضحاك أيضًا (٦).

(قول ثان) وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثني عقبة بن خالد، عن واصل بن السائب، قال: سألت عطاء عن قوله تعالى: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)﴾ قلت: صلاتنا وترنا هذا؟ قال: لا، ولكن الشفع يوم عرفة، والوتر ليلة الأضحى (٧).

(قول ثالث) قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عامر بن إبراهيم الأصبهاني، حدثني أبي، عن النعمان؛ يعني: ابن عبد السلام، عن أبي سعيد بن عوف، حدثني بمكة قال: سمعت عبد الله بن الزبير يخطب الناس، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الشفع والوتر، فقال: الشفع قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٢٠٣] والوتر قوله تعالى: ﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ (٨) [البقرة: ٢٠٣].


= من طريق أبي إسحاق السبيعي عن مسروق؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عاصم الأحول عن عكرمة؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(١) صحيح البخاري، العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق (ح ٩٦٩).
(٢) كذا ذكره الطبري، وعزاه البغوي إلى يمن بن رباب (معالم التنزيل ٤/ ٤٨١).
(٣) سنده ضعيف لأن قابوس بن أبي ظبيان لين الحديث. (التقريب ص ٤٤٩).
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، قال محققوه: هذا إسناد لا بأس برجاله، وأبو الزبير لم يصرح بسماعه من جابر. (المسند ٢٢/ ٣٨٩ ح ١٤٥١١)؛ وأخرجه الحاكم من طريق زيد بن الحباب به وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ٤/ ٢٢٠)؛ وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح غير عياش بن عقبة وهو ثقة (مجمع الزوائد ٧/ ١٣٧).
(٥) السنن الكبرى، التفسير، سورة الفجر ح ١١٦٧١.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق زرارة بن أوفى، عن ابن عباس؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عاصم الأحول، عن عكرمة.
(٧) سنده ضعيف لضعف واصل بن السائب. (التقريب ص ٥٧٩).
(٨) أبو سعيد بن عوف لم أعثر على ترجمته.