للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المؤمنين العاملين صالحًا، المتواصين بالصبر على أذى الناس وعلى الرحمة بهم كما جاء في الحديث الشريف: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" (١). وفي الحديث الآخر: "لا يرحم الله من لا يرحم الناس" (٢).

وقال أبو داود: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن ابن عامر، عن عبد الله بن عمرو يرويه [عن النبي ] (٣) قال: "من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس مِنَّا" (٤).

وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨)﴾ أي: المتصفون بهذه الصفات من أصحاب اليمين.

ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩)﴾ أي: أصحاب الشمال

﴿عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)﴾ أي: مطبقة عليهم فلا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها!

قال أبو هريرة وابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومحمد بن كعب القرظي وعطية العوفي والحسن وقتادة والسدي: ﴿مُؤْصَدَةٌ﴾ أي: مطبقة (٥).

قال ابن عباس: مغلقة الأبواب، وقال مجاهد: أصد الباب بلغة [قريش] (٦) أي: أغلقه (٧). وسيأتي في ذلك حديث في سورة ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)[الهمزة].

وقال الضحاك: ﴿مُؤْصَدَةٌ﴾ حِيَط لا باب له.

وقال قتادة: ﴿مُؤْصَدَةٌ﴾ مطبقة فلا ضوء فيها ولا فُرَج ولا خروج منها آخر الأبد (٨).

وقال أبو عمران الجوني: إذا كان يوم القيامة أمر الله بكل جبار وكل شيطان وكل من كان يخاف الناس في الدنيا شره، فأوثقوا بالحديد ثم أمر بهم إلى جهنم ثم أوصدوها عليهم؛ أي: أطبقوها، قال: فلا واللهِ لا تستقر أقدامهم على قرار أبدًا، ولا واللهِ لا ينظرون فيها إلى أديم سماء أبدًا، ولا واللهِ لا تلتقي جفون أعينهم على غمض نوم أبدًا، ولا واللهِ لا يذوقون فيها بارد شراب أبدًا (٩)، رواه ابن أبي حاتم.

آخر تفسير سورة البلد، ولله الحمد والمنّة.


(١) تقدم في تفسير سورة محمد آية ٢٢.
(٢) أخرجه البخاري من حديث جرير بن عبد الله (الصحيح، التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ. . .﴾ [الإسراء: ١١٠] ح ٧٣٧٦).
(٣) زيادة من سنن أبي داود.
(٤) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه وزيادة من طريق شيخه ابن السرح. (السنن، الأدب، باب في الرحمة ح ٤٩٤٣)؛ وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٤١٣٤)؛ وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ١٧٨).
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس؛ وأخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٦) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.
(٧) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٨) تقدم تخريجه قبل الرواية السابقة.
(٩) سنده ضعيف حكمه كالمرسل.