للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَغْشَى (١)﴾ أي: إذا غشى الخليقة بظلامه ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢)﴾ أي: بضيائه وإشراقه.

﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)﴾ كقوله تعالى: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (٨)[النبأ] وكقوله: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ [الذاريات: ٤٩] ولما كان القسم بهذه الأشياء المتضادة كان المقسم عليه أيضًا متضادًا، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)﴾ أي: أعمال العباد التي اكتسبوها متضادة أيضًا ومتخالفة فمن فاعل خيرًا ومن فاعل شرًا.

قال الله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)﴾ أي: أعطى ما أمر بإخراجه، واتقى الله في أموره ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ أي: بالمجازاة على ذلك قاله قتادة (١).

وقال خُصيف: بالثواب.

وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو صالح وزيد بن أسلم: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ أي: بالخَلَف (٢).

وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحاك: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ أي: بلا إله إلا الله (٣).

وفي رواية عن عكرمة: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ أي: بما أنعم الله عليه.

وفي رواية عن زيد بن أسلم: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ قال: الصلاة والزكاة والصوم، وقال مرة: وصدقة الفطر.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان بن صالح الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد، حدثني من سمع أبا العالية الرياحي يحدث عن أُبي بن كعب قال: سألت رسول الله عن الحسنى قال: "الحسنى: الجنة" (٤).

وقوله تعالى: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)﴾ قال ابن عباس: يعني للخير.

وقال زيد بن أسلم: يعني للجنة، وقال بعض السلف: من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن جزاء السيئة السيئة بعدها، ولهذا قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ﴾ أي: بما عنده ﴿وَاسْتَغْنَى﴾.

قال عكرمة، عن ابن عباس: أي بخل بماله واستغنى عن ربه ﷿ (٥).

رواه ابن أبي حاتم ﴿وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩)﴾ أي: بالجزاء في الدار الآخرة ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)﴾ أي: لطريق الشر كما قال تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠)[الأنعام] والآيات في هذا المعنى كثيرة دالة على أن الله ﷿ يجازي من قصد الخير بالتوفيق له، ومن قصد الشر بالخذلان، وكل ذلك بقدر مقدر والأحاديث الدالَّة على هذا المعنى كثيرة.


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عكرمة عن ابن عباس؛ وأخرجه الطبري بسند ضعيف عن مجاهد فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف؛ وأخرجه الطبري بسند حسن صحيح من طريق نضر بن عربي عن عكرمة.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي حصين عن أبي عبد الرحمن؛ وأخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة يونس آية ٢٦.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عكرمة به.