للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليكم، من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك. ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا زكريا بن يحيى الخزاز المقري، حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خالد الخزاز، حدثنا يونس بن عبيد، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: خرج رسول الله عند الظهيرة، فوجد أبا بكر في المسجد فقال: "ما أخرجك هذه الساعة؟ " قال: أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله. قال: وجاء عمر بن الخطاب فقال: "ما أخرجك يا ابن الخطاب؟ " قال: أخرجني الذي أخرجكما. قال: فقعد عمر، وأقبل رسول الله يحدثهما، ثم قال: "هل. بكما من قوة، تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعامًا وشرابًا وظلا؟ " قلنا: نعم. قال: "مُروا بنا إلى منزل ابن التَّيهان أبي الهيثم الأنصاري". قال: فتقدم رسول الله بين أيدينا، فسلم واستأذن -ثلاث مرات- وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام، تريد أن يزيدها رسول الله من السلام، فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم، فقالت: يا رسول الله، قد -والله- سمعت تسليمك، ولكن أردت أن تزيدنا من سلامك. فقال لها رسول الله : "خيرًا". ثم قال: "أين أبو الهيثم؟ لا أراه". قالت: يا رسول الله، هو قريب ذهب يَستعذبُ الماء، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله، فبسطت - بساطًا تحت شجرة، فجاء أبو الهيثم ففرح بهم وقرت عيناه بهم، فصعد على نخلة فصرم لهم أعذاقًا، فقال له رسول الله : "حَسْبُكَ يا أبا الهيثم". قال: يا رسول الله، تأكلون من بُسره، ومن رطبه، ومن تَذْنُوبه، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه، فقال رسول الله : "هذا من النعيم الذي تسألون عنه" (١). هذا غريب من هذا الوجه.

وقال ابن جرير: حدثني الحُسَين بن علي الصدائي، حدثنا الوليد بن القاسم، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: بينما أبو بكر وعمر جالسان، إذ جاءهما النبي فقال: "ما أجلسكما هاهنا؟ " قالا: والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع. قال: "والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره". فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار، فاستقبلتهم المرأة، فقال لها النبي : "أين فلان؟ " فقالت: ذهب يستعذب لنا ماء. فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال: مرحبًا، ما زار العباد شيء أفضل من شيء زارني اليوم. فعلق قرْبَتَه بكرب نخلة، وانطلق فجاءهم بعذْق، فقال النبي : "ألا كنت اجتنيت "؟ فقال: أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم. ثم أخذ الشفرة، فقال النبي : "إياك والحلوب؟ " فذبح لهم يومئذ، فأكلوا. فقال النبي : "لتسئلن عن هذا يوم القيامة. أخرجكم من بيوتكم الجوع، فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا، فهذا من النعيم" (٢).

ورواه مسلم من حديث يزيد بن كيسان، به (٣). ورواه أبو يعلى وابن ماجه، من حديث


(١) في سنده يونس بن عبيد وهو مقبول. (التقريب ص ٦١٣) وعبد الله بن عيسى بن خالد الخزاز وهو ضعيف. (التقريب ص ٣١٧). فسنده ضعيف، ولبعضه شواهد كما يليه.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٣) صحيح مسلم، الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك (ح ٢٠٣٨).