للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن كعب في قوله: ﴿جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾: ألهاه ماله بالنهار، هذا إلى هذا، فإذا كان الليل، نام كأنه جيفة.

وقوله: ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)﴾ أي: يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار؟

﴿كَلَّا﴾ أي: ليس الأمر كما زعم ولا كما حسب. ثم قال تعالى: ﴿لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾ أي: ليلقين هذا الذي جمع مالًا فعدده (١) في الحطمة وهي اسم من أسماء النار صفة؛ لأنها تحطم من فيها. ولهذا قال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)﴾.

قال ثابت البناني: تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء، ثم يقول: لقد بلغ منهم العذاب، ثم يبكي.

وقال محمد بن كعب: تأكل كل شيء من جسده، حتى إذا بلغت فؤاده حَذْوَ حلقه ترجع على جسده.

وقوله: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨)﴾ أي: مطبقة كما تقدم تفسيره في سورة البلد (٢).

وقال ابن مَرْدُويه: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن سراج، حدثنا عثمان بن [خَرزَاذ] (٣)، حدثنا شجاع بن أشرس، حدثنا شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي : ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨)﴾ قال: "مطبقة" (٤).

وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن أسيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح قوله ولم يرفعه (٥).

﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)﴾ قال عطية العوفي (٦): عمد من حديد.

وقال السُّدِّي (٧): من نار.

وقال شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)﴾ يعني: الأبواب هي الممدودة (٨).

وقال قتادة: في قراءة عبد الله بن مسعود: "إنها عليهم مؤصدة بعمد ممدة" (٩).

وقال العوفي، عن ابن عباس: أدخلهم في عَمَد فمدت عليهم بعماد، وفي أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب (١٠).

وقال قتادة: كنا نحدث أنهم يعذبون بعمد في النار (١١). واختاره ابن جرير.

وقال أبو صالح: ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)﴾ يعني: القيود الطوال (١٢).

آخر تفسير سورة ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾، ولله الحمد والمنة.


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٢) آية ٢٠.
(٣) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: جردار.
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة البلد آية ٢٠.
(٥) سنده جيد.
(٦) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن عطية.
(٧) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن السدي.
(٨) سنده حسن، وعزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٩) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم، وسنده منقطع لأن قتادة لم يسمع من ابن مسعود، والقراءة شاذة تفسيرية.
(١٠) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(١١) أخرجه الطبري بسند رجاله ثقات لكنه مرسل.
(١٢) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.