للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كنت يومئذٍ صغيرًا؟ قال: لا، والله إني يومئذٍ لأعقل أني أزفر (١) القربة (٢). تفرد به أحمد.

وقال محمد بن إسحاق: حدثني حُسَين بن عبد الله بن عُبيد الله بن عباس قال: سمعت ربيعة بن عباد الديلي يقول: إني لمع أبي رجل شاب، أنظر إلى رسول الله يتبع القبائل -ووراءه رجل أحول وضيء، ذو جُمَّة- يَقِفُ رسول الله على القبيلة فيقول: "يا بني فلان، إني رسول الله إليكم، آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأن تصدقوني وتمنعوني حتى أنفِّذَ عن الله ما بعثني به". وإذا فرغ من مقالته قال الآخر من خلفه: يا بني فلان، هذا يريد منكم أن تسلُخوا اللات والعزى، وحلفاءكم من الجن من بني مالك بن أُقَيْش، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة، فلا تسمعوا له ولا تتبعوه. فقلت لأبي: من هذا؟ قال: عمه أبو لهب (٣).

رواه أحمد أيضًا، والطبراني بهذا اللفظ (٤).

فقوله تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)﴾ أي: خسرت وخابت، وضلَّ عمله وسعيه، ﴿وَتَبَّ﴾ أي: وقد تَبَّ تحققُ خسارته وهلاكه.

وقوله: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)﴾ قال ابن عباس وغيره: ﴿وَمَا كَسَبَ﴾ يعني: ولده (٥). وَرُوي عن عائشة، ومجاهد، وعطاء، والحسن، وابن سيرين، مثله (٦).

وذُكر عن ابن مسعود أن رسول الله لما دعا قومه إلى الإيمان، قال أبو لهب: إذا كان ما يقول ابن أخي حقًّا، فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب بمالي وولدي. فأنزل الله: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)(٧).

وقوله: ﴿سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣)﴾ أي: ذات شرر ولهيب وإحراق شديد،

﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)﴾ وكانت زوجته من سادات نساء قريش، وهي: أُم جميل، واسمها أروى بنتُ حرب بن أُمية، وهي أخت أبي سفيان. وكانت عونًا لزوجها على كفره وجحوده وعناده؛ فلهذا تكون يوم القيامة عَونًا عليه في عذابه في نار جهنم. ولهذا قال: ﴿حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)﴾ يعني: تحمل الحطب فتلقي على زوجها، ليزداد على ما هو فيه، وهي مُهَيَّأة لذلك مستعدة له.

﴿فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)﴾ قال مجاهد، وعروة: من مَسد النار (٨).


(١) أي: أحملها.
(٢) (المسند ٣١/ ٣٤٢، ٣٤٣ ح ١٩٠٠٥) حسن سنده محققوه.
(٣) أخرجه ابن إسحاق (ينظر السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ٢٨٧) وسنده ضعيف لضعف حسين بن عبد الله بن عبيد الله (التقريب ص ١٦٧) ويشهد له سابقه.
(٤) أخرجه الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق به (المسند ٢٥/ ٤٠٧ ح ١٦٠٢٥)؛ والطبراني. (المعجم الكبير ٥/ ٦٣).
(٥) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند حسن من طريق أبي الطفيل عن ابن عباس.
(٦) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد؛ وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن جريج عن عطاء عن مجاهد وعائشة.
(٧) أخرجه البغوي عن ابن مسعود تعليقًا بدون سند (معالم التنزيل ٤/ ٥٤٣).
(٨) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق يزيد عن عروة ويزيد وهو ابن رومان أو ابن عبد الله بن خصيفة =