للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال أبو علي (الجبائي) (١) في "تفسيره": ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ هو سقوط البرد من السحاب. قال القاضي الباقلاني: وهذا تأويل بعيد، وتبعه في استبعاده (فخر الدين) (٢) الرازي؛ وهو كما قال: فإن هذا خروج عن (ظاهر) (٣) اللفظ بلا دليل. والله أعلم] (٤).

وقال ابن أبي حاتم (٥): حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا الحكم بن هشام الثقفي، حدثني يحيى بن أبي طالب - (يعني: يحيى) (٦) بن يعقوب - في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ قال: كثرة البكاء. ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ﴾ قال: قليل البكاء. ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ قال: بكاء القلب من غير دموع العين.

[وقوله: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ أي: كالعيون السارحة المشاهدة، تخرج من الأحجار عيانًا، ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ﴾ كحجر موسى الذي كان إذا ضربه نبع منه اثنا عشرة عينًا بإذن الله في ذلك، ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ أي: من رؤوس شواهق الجبال، وهذا كقوله: "أُحد جبل يحبنا ونحبه"] (٧).

[وقد زعم بعضهم أن هذا من باب المجاز، وهو إسناد الخشوع إلى الحجارة، كما أسندت الإرادة إلى الجدار في قوله: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [الكهف: ٧٧] قال (فخر الدين) (٨) (الرازي) (٩) والقرطبي (١٠) وغيرهما من الأئمة: ولا حاجة إلى هذا؛ فإن الله تعالى يخلق فيها هذه الصفة كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى] (١١) [السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾ [الأحزاب: ٧٢] وقال: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ … ﴾ الآية [الإسراء: ٤٤] وقال: ﴿وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦)[الرحمن: ٦] ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ … ﴾ الآية [النحل: ٤٨] ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١] ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ … ﴾ الآية [الحشر: ٢١]، [﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ (الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾) (١٢)] (١٣) [فصلت: ٢١].

[وفي "الصحيح" (١٤): "هذا جبل يحبنا ونحبه"] (١٥) وكحنين الجذع (١٦) المتواتر خبره] (١٧).


(١) في (ن): "الحياني"! وأشار في الحاشية أنه وقع في نسخة: "الجبائي".
(٢) ساقط من (ن). وانظر "تفسير الرازي" (٢/ ١٤١).
(٣) ساقط من (ج) و (ك) و (ن).
(٤) ساقط من (ز) و (ض).
(٥) في (تفسيره) (٧٦٥، ٧٧١) وهشام بن عمار تغير حفظه في آخر عمره. فكان إذا لقنوه قبل التلقين.
(٦) في (ن): "يعني ويحيى" وذكر "الواو" خطأ.
(٧) من (ج) و (ل).
(٨) ساقط من (ن).
(٩) من (ن) وانظر "تفسير الرازي" (٢/ ١٤٠، ١٤١).
(١٠) في (تفسيره) (١/ ٤٦٥).
(١١) ساقط من (ز) و (ض).
(١٢) هذه الآية ليست في (ى)، وكتب بدلها قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ﴾ الآية [الحج: ١٨].
(١٣) لم يذكرها في (ن) وكتب بدلها: الآية.
(١٤) أخرجه البخاري (٣/ ٣٤٣، ٣٤٤؛ و ٤/ ٨٨؛ و ٦/ ٢٦٦؛ و ٧/ ١١٥؛ و ٨/ ١٢٥)؛ ومسلم (١٣٩٢/ ١١، ١٢).
(١٥) ساقط من (ى).
(١٦) ومن هذه الأحاديث ما أخرجه البخاري (١/ ٥٤٣، ٥٤٤؛ و ٤/ ٣١٩؛ و ٦/ ٦٠١، ٦٠٢).
(١٧) ساقط من (ز) و (ض).