للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، عن (حنش) (١) بن عبد الله الصنعاني، عن ابن عباس: أنه كان يقول في هذه الآية: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ قال: عشر، ست في الإنسان، وأربع في المشاعر. فأما التي في الإنسان: حلق العانة، ونتف الإبط، والختان. وكان ابن هبيرة يقول: هؤلاء الثلاثة واحدة. وتقليم الأظفار، وقص الشارب، والسواك، وغسل يوم الجمعة. والأربعة التي في المشاعر: الطواف، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، والإفاضة.

وقال داود بن أبي هند (٢): عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: ما ابتلي بهذا الدين أحد فقام به كله إلا إبراهيم، قال الله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ قلت له: وما الكلمات التي ابتلى الله إبراهيم بهن فأتمهن؛ قال: الإسلام ثلاثون سهمًا، منها عشر آيات في براءة: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ … ﴾ إلى آخر الآية [التوبة: ١١٢] وعشر آيات في أول سورة ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ١] و ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ [المعارج: ١] وعشر آيات في الأحزاب: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ … ﴾ الآية [٣٥] إلى آخر (الآية) (٣)، فأتمهن كلهن، فكتبت له براءة. قال الله: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)[النجم: ٣٧].

هكذا رواه الحاكم، وأبو جعفر بن جرير، وأبو محمد بن أبي حاتم، بأسانيدهم إلى داود بن أبي هند، به. وهذا لفظ ابن أبي حاتم.

وقال محمد بن إسحاق (٤)، عن محمد بن أبي محمد، عن سعيد أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: الكلمات التي ابتلى الله بهن إبراهيم فأتمهن، فراق قومه - في الله - حين أُمر بمفارقتهم. ومحاجته (نمروذ) (٥) - في الله - حين وقفه على ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلافه. وصبره على قذفه إياه في النار ليحرقوه - في الله - على هول ذلك من أمرهم. والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده - في الله - حين أمره بالخروج عنهم، وما أمره به من الضيافة والصبر عليها (وماله)، وما ابتلي به من ذبح ابنه حين أمره بذبحه، [فلما مضى على ذلك من الله كله وأخلصه للبلاء] (٦)، قال الله له: ﴿أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: ١٣١] على ما كان من خلاف الناس وفراقهم.


(١) في (ل): "خيش"! وفى (ك): "حسين"!
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١١٧٣) من طريق محمد بن حرب، ثنا الزبيدي، عن عدي، عن داود بن أبي هند بهذا الإسناد سواء. والزبيدي هو سعيد بن عبد الجبار الزبيدي كما نص عليه أبو حاتم الرازي، كما في ترجمة "عدي بن عبد الرحمن" من "الجرح والتعديل" (٣/ ٢/ ٣)؛ والزبيدي هذا منكر الحديث، ضعفه أبو حاتم، وقال ابن عدي: "عامة حديثه مما لا يتابع عليه". وكان جرير بن عبد الحميد يكذبه. وقال النسائي: "ليس بشيء".
وعدي بن عبد الرحمن لم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحًا ولا تعديلًا وذكره ابن حبان في "الثقات" (٧/ ٢٩٢) وقال: "روى الزبيدي عنه عن داود بن أبي هند نسخة مستقيمة".
(٣) في (ج) و (ل): "آية".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (١١٧٤) من طريق سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق. [وسنده حسن].
(٥) في (ل): "بنمروذ".
(٦) في (ل): "فلما مضى على ذلك من البلاء كله وأخلصه للّه".