للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول كلما أصبح وكلما أمسى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧)[الروم] حتَّى يختم الآية".

قال: والآخر منهما (١): حَدَّثَنَا به أبو كريب، أخبرنا الحسن (ابن) (٢) عطية، أخبرنا إسرائيل، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أُمامة قال: قال رسول الله : " ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)[النجم: ٣٧]: أتدرون ما وفَّى؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "وفَّى عمل يومه، أربع ركعات في النهار".

ورواه آدم في "تفسيره"، عن حماد بن سلمة. وعبد بن حميد، عن يونس بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن جعفر بن الزبير، به.

ثم شرع ابن جرير يضعِّف هذين الحديثين، وهو كما قال؛ فإنه لا تجوز روايتهما إلا ببيان ضعفهما، وضعفهما من وجوه عديدة، فإن كلًا من السندين مشتمل على غير واحد من الضعفاء، مع ما في متن الحديث مما يدلُّ على ضعفه (والله أعلم) (٣).

ثم قال ابن جرير (٤): ولو قال قائل: إن الذي قاله مجاهد وأبو صالح والربيع بن أنس أولى بالصواب من القول الذي قاله غيرهم كان مذهبًا، فإن قوله: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ وقوله: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾ [البقرة: ١٢٥] وسائر الآيات التي هي نظير ذلك؛ كالبيان عن الكلمات التي ذكر الله أنه ابتلى بهن إبراهيم.

قلت: والذي قاله أولًا من أن الكلمات تشمل جميع ما ذكر، أقوى من هذا الذي جوزه من قول مجاهد ومن قال مثله؛ لأن السياق يعطى غير ما قالوه، والله أعلم.

وقوله: ﴿قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ لما جعل الله إبراهيم إمامًا، سأل الله أن تكون الأئمة من بعده من ذريته، فأُجيب إلى ذلك، وأخبر أنه سيكون من ذريته ظالمون، وأنه لا ينالهم عهد الله، (فلا) (٥) يكونون أئمةً فلا يقتدى بهم: والدليل على أنه أجيب إلى طلبته (قول الله) (٦) تعالى في سورة العنكبوت: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ [العنكبوت: ٢٧] فكل نبي أرسله الله، وكل كتاب أنزله الله بعد إبراهيم، ففي ذريته صلوات الله وسلامه عليه (وعليهم أجمعين) (٧).

وأما قوله تعالى: ﴿قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فقد اختلفوا في ذلك.


(١) أخرجه ابن جرير (١٩٣٩) و (٢٧/ ٤٣)؛ وفي "التاريخ" (١/ ٢٨٦)؛ وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"، كما في (ابن كثير) (٧/ ٤٣٩، ٤٤٠)، من طريق حماد بن سلمة؛ وابن عساكر في "تاريخه" (٦/ ٢١٣، ٢١٤) من طريق يزيد بن هارون ومكي بن إبراهيم كلهم عن جعفر بن الزبير بسنده سواء. وسنده ساقط وجعفر بن الزبير تالف.
قال أبو حاتم: "روى جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة نسخة موضوعة أكثر من مِائَة حديث".
(٢) في (ز): "عن" وهو خطأ.
(٣) ساقط من (ز) و (ض).
(٤) في "تفسيره" (٣/ ١٧).
(٥) كذا في (خ) و (ض) و (ى). ووقع في (ز) و (ك) و (ل) و (ن): "ولا".
(٦) في (ل) و (ن): "قوله".
(٧) من (ل).