للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حدَّثَنا (١) هُشيمٌ، عن مُغيرةَ، عن إبْرَاهيمَ؛ قال: كانَ أصحابنا يتَّقُونَ التَّفسيرَ ويهابُونَه.

وقال شعبة (٢)، عن عبد الله بن أبي السّفَر؛ قال: قال الشعبي: والله ما من آيةٍ إلا وقد سألتُ عنها، ولكنَّها الرِّوايةُ عن الله ﷿.

وقال أبو عُبيدٍ (٣): حدَّثنا هُشَيمٌ، حدثنا عمرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عن الشَّعبيِّ، عن مسروقٍ؛ قال: اتَّقُوا التفسيرَ؛ فَإنَّما هو الرِّوايةُ عنِ الله.

فهذه الآثارُ الصَّحيحةُ وما شَاكَلَهَا عن أئمَّة السَّلفِ محمولةٌ على تحرُّجِهِم عن الكلامِ في التفسيرِ بما لا علم لهم فِيهِ.

فأما مَنْ تكلَّم بما يعلمُ من ذلك لُغةً وشَرْعًا فلا حَرجَ عليه؛ ولهذا رُوى عن هؤلاءِ وغيرِهِم أقوالٌ في التفسيرِ؛ ولا مُنافَاةَ؛ لأنَّهم تكلَّموا فيما عَلِموهُ وسكَتُوا عما جَهِلوهُ. وهذا هو الواجبُ على كلِّ أحدٍ؛ فإنَّه كما يجبُ السكوتُ عما لا علم له به فكذلك يجبُ القولُ فيما سُئل عنه بما يعلمُهُ؛ لقوله تعالى: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧]؛ ولمَا جَاءَ في الحديثِ (المرويِّ) (٤) (١/ ٥/ ١) من طرقٍ: "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلجِمَ يومَ القِيَامَةِ بلجامٍ من نَّارٍ" (٥).

(فَأَمَّا) (٦) الحديثُ الَّذي رواه أبو جعفر (٧) بنُ جريرٍ: حدَّثنا عبَّاسُ بنُ عبدِ العظيمِ، حدثنا


(١) أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (٥٨/ ٢).
وأخرجه ابن أبي شيبة (١٠/ ٥١٢)؛ والبيهقي في "الشعب" (٢٠٨٩) عن الثوري؛ وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٢٢٢) عن جرير كلاهما عن مغيرة، عن إبراهيم فذكره. وإسناده صحيح.
(٢) أخرجه ابن جرير (١٠٢) قال: حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا سعيد بن عامر، عن شعبة بسنده سواء. وإسناده صحيح.
(٣) في "الفضائل" (ق ٥٨/ ٢) وسنده صحيح.
تنبيه: شيخ هشيم في هذا الأثر هو: عمر بن أبي زائدة، ووقع في "المطبوعات" التي وقفت عليها من "تفسير ابن كثير": "عمرو" بالواو، فرجح الشيخ مقبل بن هادي حفظه الله في تحقيقه لـ"التفسير" أنه عمرو بن دينار قال: "قد ذكروه من مشايخ هشيم ويكون السند هكذا: هشيم، حدثنا عمرو وابن أبي زائدة. وابن أبي زائدة هو زكريا". اهـ. وقد علمت الصواب وأنه عمر بن أبي زائدة وهو أخو زكريا وقد وثقه ابن معين وغيره وأثنى عليه أحمد.
(٤) في (ن): "الذي روى".
(٥) حديث صحيح.
أخرجه أبو داود (١٠/ ٩١ - عون)؛ والترمذي (٧/ ٤٠٧، ٤٠٨ تحفة)؛ وابن ماجه (٢٦١)؛ وأحمد (٢/ ٢٩٦، ٢٩٩، ٥٠٨)؛ والطيالسي (٢٥٣٤)؛ وأبو يعلى (١١/ ٢٦٨)؛ وابن حبان (٩٥)؛ والحاكم (١/ ١٠١) وخلق آخرون من طرق كثيرة عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة مرفوعًا فذكره.
قال المصنف في "تفسير سورة البقرة. الآية ١٥٩": "وقد ورد الحديث في "المسند" من طرق يشد بعضها بعضًا". وقال العقيلي: "إسناده صالح".
وقال الحافظ في "القول المسدد": "والحديث صالح للحجة".
وقد ورد الحديث من طريق جماعة من الصحابة، منهم: "عبد الله بن عمرو، وابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود، وأنس بن مالك، وعمرو بن عبسة، وطلق بن علي، وسعد بن المدحاس "، أتيت على تخريجها كلها في "تسلية الكظيم". فلله الحمد.
(٦) في (ن): "وأما".
(٧) منكر. =