للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)[هود] ثم تحداهم إلى أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، فقال: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣٨)[يونس] وقصر التحدي على هذا المقام في السور المكية. كما ذكرنا في المدينة أيضًا، كما في سورة البقرة حيث يقول تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)[البقرة] وأخبر أنهم عاجزون عن معارضته بمثله وأنهم لا يفعلون ذلك في المستقبل أيضًا.

هذا وهم أفصحُ الخلقِ وأعلمهُمُ بالبلاغة والشعر (وقريظ) (١) الكلامِ وضُرُوبِهِ، لكن جاءهم من الله ما لا قبل لأحدٍ من البشر به من الكلام الفصيحِ البليغِ الوجيزِ المحتوى على العلومِ الكثيرةِ الصحيحة النَّافِعَةِ، والأخبارِ الصَّادقة، عن الغيوب الماضية والآتية، والأحكامِ العادلة المحكمةِ، كما قال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ [الأنعام: ١١٥].

وقال الإمامُ أحمدُ بنُ حَنْبلٍ (٢): حدثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدّثنا أبي، حدّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ قال: ذكر محمدُ بنُ كعب القُرَظِيُّ عن الحارثِ بن عبد الله الأعور قال: قلت: لآتينَّ أميرَ المؤمنين فَلَأسألنَّه عمَّا سمعتُ العشيَّةَ، قال: فجئتُهُ بعد العشاء فدخلتُ عليه، فذكرَ الحديثَ. قال: ثم قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: "أَتَانِي جِبريلُ فقال: يا محمدُ أُمَّتُكَ مختلفةٌ بعدكَ -قال:- فقلت له: فأينَ المخرجُ يا جبريلُ؟ -قال:- فقال: (كتاب الله) (٣)، به يقصِمُ الله كلَّ جبَّارٍ، من اعتَصَمَ به نَجَا، ومن تركَهُ هَلَكَ -مَرَّتينِ- قولٌ فَصْلٌ، وليس بالهَزْلِ، لا تخلُقُه الألسنُ، ولا تفنى عجائبُهُ، فيه نبأُ ما كان قبلكم، وفصلُ ما بينكم، وخبرُ ما هو كائنٌ بعدكم". هَكَذَا رواهُ الإمامُ أحمدُ.

وقد قَالَ أبو عيسى التّرمِذِيُّ (٤): حدثنا عبدُ بنُ حُمَيدٍ، حدَّثَنا حسينُ بنُ عليٍّ الجُعِفيُّ، حدّثنا


(١) في (أ): "قريض" وهما بمعنىً.
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (١/ ٩١) ومن طريقه ابن بشران في "الأمالي" (ج ١/ ق ٦/ ٢) بسنده سواء. وهذا سند ضعيف جدًا، وابن إسحاق مدلس، وقد استخدم ما يدل على التدليس قطعًا، لكنه متابع كما يأتي. والحارث الأعور واهي الحديث.
(٣) في (أ): "في كتاب الله"؛ وحرف الجر مقحم، ليس في "الأصول" ولا في "المسند".
(٤) في "سننه" (٢٩٠٦).
وأخرجه الدارمي (٢/ ٣١٢، ٣١٣)؛ وإسحاق بن راهويه في "مسنده"، كما في "النكت الظراف" (٧/ ٣٥٧)، وعنه ابن نصر في "قيام الليل" (ص ٧٥)؛ وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٨٢)؛ وأبو طاهر المخلص في "الفوائد" (ج ٩/ ق ٢٠٤/ ١، ٢)؛ وابن الأنباري في "الوقف والابتداء" (ق ٢/ ١، ٢)؛ والبيهقي في "الشعب" (ج ٤/ رقم ١٧٨٨)؛ والبغوي في "شرح السنة" (٤/ ٤٣٧، ٤٣٨)؛ والشجري في "الأمالي" (١/ ٩١) من طريق حمزة بن حبيب الزيات، عن أبي المختار الطائي، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث، عن علي فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول وفي حديث الحارث مقال". اهـ.
* قلت: وهذا سند ضعيف جدًا. والحارث الأعور متروك الحديث.