للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه ذبح في تحلله ذلك شاة، وإنما ذبحوا الإبل والبقر، [ففي الصحيحين عن جابر، قال: أمرنا رسول الله أن نشترك في الإبل والبقر] (١) كل سبعة منّا في بقرة (٢).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ قال: بقدر يسارته (٣).

وقال العوفي: عن ابن عباس: إن كان موسرًا فمن الإبل، وإلا فمن البقر، وإلا فمن الغنم (٤).

وقال هشام بن عروة، عن أبيه ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ قال: إنما ذلك فيما بين الرخص والغلاء (٥).

والدليل على صحة قول الجمهور فيما ذهبوا إليه من إجزاء ذبح الشاة في الإحصار أن الله أوجب ذبح ما استيسر من الهدي؛ أي: مهما تيسّر مما يسمى هديًا، والهدي من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، كما قاله الحبر البحر ترجمان القرآن وابن عمِّ رسول الله ، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين قالت: أهدى النبي مرة غنمًا (٦).

وقوله: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ معطوف على قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ﴾ وليس معطوفًا على قوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ كما زعمه ابن جرير ، لأن النبي وأصحابه عام الحديبية لما حصرهم كفار قريش عن الدخول إلى الحرم، حلقوا وذبحوا هديهم خارج الحرم، فأما في حال الأمن والوصول إلى الحرم فلا يجوز الحلق ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ ويفرغ الناسك من أفعال الحج والعمرة إن كان قارنًا، أو من فعل أحدهما إن كان مفردًا أو متمتعًا، كما ثبت في الصحيحين عن حفصة أنها قالت: يا رسول الله، ما شأن الناس حلوا من العمرة، ولم تحلّ أنت من عمرتك؟ فقال: "إني لبدت رأسي وقلدت هدي، فلا أحلّ حتى أنحر" (٧).

وقوله: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ قال البخاري: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني: سمعت عبد الله بن معقل قال: قعدت إلى كعب بن عجرة في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - فسألته عن فدية من صيام، فقال: حملت إلى النبي ، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: "ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا، أما تجد شاة؟ " قلت: لا، قال: "صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع


(١) ما بين معقوفين سقط، واستدرك من (عش) و (عف).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، الحج، باب الاشتراك في الهدي (ح ١٣١٨).
(٣) سنده حسن.
(٤) أخرجه الطبري وسنده ضعيف وأخرجه من طرق أخرى تقويه منها ما سبق.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن سليم عن هشام به، ويحيى صدوق سيء الحفظ ويشهد له ما تقدم.
(٦) صحيح البخاري، الحج، باب تقليد الغنم (ح ١٧٠١ - ١٧٠٢)، وصحيح مسلم، الحج، باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم بعد (ح ١٣٢١) بستة أحاديث برقم ٣٦٥.
(٧) صحيح البخاري، الحج، باب من لبد رأسه عند الإحرام (ح ١٧٢٥) وصحيح مسلم، الحج، باب بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاجّ المفرد (ح ١٢٢٩).