للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أعضائي إلا وفيه رمية [أو طعنة أو ضربة وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء، يعني: أنه يتألم لكونه ما مات قتيلًا في الحرب، ويتأسف على ذلك، ويتألم أن يموت على فراشه.

وقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾، يحث تعالى عباده على الإنفاق في سبيل الله، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع، وفي حديث النزول أنه يقول تعالى: "من يقرض غير عديم ولا ظلوم" (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا خلف بن خليفة، عن حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، قال: لما نزلت ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾، قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، وإن الله ﷿ ليريد منا القرض؟ قال: "نعم يا أبا الدحداح". قال: أرني يدك رسول الله. قال: فناوله يده، قال: فإني قد أقرضت ربي ﷿ حائطي، قال: وحائط له فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها. قال فجاء أبو الدحداح فنادها: يا أم الدحداح. قالت: لبيك. قال: اخرجي، فقد أقرضته ربي ﷿ (٢). وقد رواه ابن مردويه من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عمر مرفوعًا بنحوه (٣).

وقوله: ﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾ روي عن عمر وغيره من السلف: هو النفقة في سبيل الله (٤).

وقيل: هو النفقة على العيال (٥).

وقيل: هو التسبيح والتقديس (٦).

وقوله: ﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ كما قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ الآية [البقرة: ٢٦١]، وسيأتي الكلام عليها.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أخبرنا مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، قال: أتيت أبا هريرة ، فقلت له: إنه بلغنى أنك تقول: إن الحسنة تضاعف ألف ألف حسنة، قال: وما أعجبك من ذلك، لقد سمعته من النبي يقول: "إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة" (٧).


(١) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (الصحيح، صلاة المسافرين، باب الترغيب في الدعاء والذكر ح ١٧١).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفي سنده حميد بن عطاء الأعرج: ضعيف (الجرح والتعديل ٣/ ٢٢٦)، ولقصة أبي الدحداح أصل في صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب ركوب المصلي على الجنازة إذا انصرف (ح ٩٦٥).
(٣) في سنده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ضعيف ويتقوى بما سبق.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق موسى بن أبي كثير الأنصاري عن عمر بن الخطاب وموسى لم يسمع من عمر، وسنده ضعيف.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم، وسنده حسن.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن حيان التيمي عن شيخ لهم.
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (٧٩٣٢)، وصححه أحمد شاكر وضعفه الحافظ ابن كثير، وهو كما قال وقد روي من وجه آخر كما سيأتي.