للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فروي أنه لا يبرأ إلا أن يعلم المشتري بالعيب. والرواية الثانية: أنه يبرأ من كل عيب لم يعلمه، ولا يبرأ من عيب علمه. ويروى ذلك عن عثمان، ونحوه عن زيد بن ثابت، لما روي أن عبد الله بن عمر باع زيد بن ثابت بشرط البراءة بثمانمائة فأصاب به زيد عيباً، فأراد رده على ابن عمر فلم يقبله، فترافعا إلى عثمان، فقال عثمان لابن عمر: تحلف بأنك لم تعلم بهذا العيب؟ فقال: لا. فرده عليه، فباعه ابن عمر بألف، وتمامه فيه. فظهر من هذا مع ما تقدم أنه إذا اشترى سلعة وثبت بها عيب، وكان الاختلاف في حدوثه وتقدمه، ولم يجز الحلف للمشتري لخروجه عن يده، أن له يمين بائع، وتكون على البت، لأن الأيمان كلها على البت، إلا ما كان على نفي دعوى من جهة الغير، إلا أن يقال: إذا خرج المبيع من يد المشتري، لم يجز له دعوى على البائع أصلا. ومن قال: إن يمين بائع على نفي العلم - مستدلا بحديث عثمان هذا - وقد ذكروه في الدعاوى في صفة اليمين - فلا دليل فيه أصلا فقد أورده من أورده مستدلاً به على عدم التغليظ في اليمين مع أنه - والحالة ما ذكرنا - لو يقول بائع: لم أعلم به عيباً وقت البيع، لم يكن جواباً، إذ لا يلزم من عدم علمه عدم الغيب.

والظاهر أيضاً أن ابن عمر قد علم العيب قبل البيع، ولم يذكره للمشتري ظناً أن البراءة تكفيه من ذكره، وأنه يندرج في سائر العيوب، فلا يبرأ منه لعلمه به، مع أنه لا خلاف عندنا في عدم براءة بائع من عيب علمه إذا لم يذكره للمشتري، ولو أبرأه المشتري من جميع العيوب، لأنه يكون مدلساً فلا يبرأ. فلو دفع النزاع في علمه وعدمه، فيمينه على نفي العلم لأنه لا دعوى للمبريء إلا العلم، من تقرير شيخنا.

ذكر القاضي: إن الصنان ليس بعيب في العبد والجارية وفاقا. انتهى.

الحمق: هو أن يستحسن ما يستقبحه العقلاء. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>