للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَسْفَارًا} (١) على أن جملة {يحمل} صفة الحمار، لأن المراد به الجنس، فهو بمعنى كمثل حمار يحمل أسفارًا، أما على القول الذي اخترناه فنقول: إن جملة {أَحْيَيْنَاهَا} استئنافية لبيان وجه الآية في هذه الأرض الميتة، ووجه كونها آية أن هذه الأرض الميتة أشجارها يابسة، وليس فيها ثمر، فينزل الله عليها المطر فتحيا بعد الموت، فالذي أحيائها وقدر على إحيائها قادر على إحياء الموتى، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)} (٢) وعليه فنقول: وجه الآية أن نقيس الشاهد بالغائب، فالشاهد المنظور هو هذه الأرض ميتة، أشجارها يابسة ينزل عليها المطر فتخضر، فالذي أحياها قادر على إحياء الموتى.

{وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا} معطوف على {أَحْيَيْنَاهَا} يعني الأرض ميتة أحييناها بالزرع، فقام الزرع أخضر يهتز، ولكن مجرد كونه زرعًا لا يفيد الآدمي، وإنَّما يفيد البهائم، ويفيد الآدمي عند الضرورة لكن الفائدة العظمى منه {وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا} {مِنْهَا} أي: من الأرض {حَبًّا} كالحنطة {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} {فَمِنْهُ} أي: من هذا الحب يأكلون، وفائدة قوله: {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} دليل على سهولة تناول هذا الحب وعظم فائدته، وأنه حب نافع سهل التناول، لأنه لو كان صعبًا لكانوا لا يستطيعون الأكل منه إلَّا بمشقة عظيمة، ولهذا قال: {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} قدم المعمول


(١) سورة الجمعة، الآية: ٥.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٣٩.

<<  <   >  >>