للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال الله عز وجل: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤)}.

{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: من غيره، ولا يمنع أن يكونوا اتخذوا آلهة مع الله، فهم اتخذوا من دون الله أي اتخذوا غير الله آلهة، وإنما قلنا ذلك لأن ظاهر قوله تعالى: {مِنْ دُونِ اللَّهِ} أنهم لم يتخذوا الله إلهًا، بل اتخذوا هذه الآلهة من دون الله وتركوا ألوهية الله تعالى، مع أن هؤلاء يتألهون إلى الله تعالى وإلى غيره، ولكن قد يقال: إن الفائدة من التعبير بقوله: {مِنْ دُونِ اللَّهِ} مع أنهم يألهون الله تعالى ويألهون الأصنام أن الإنسان إذا اتخذ شريكًا مع الله فإن الله تعالى يتركه وشركه وكأنه لم يأله الله تعالى، كما جاء في الحديث القدسي الصحيح أن الله تعالى قال: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (١).

{آلِهَةً} جمع إله، والإله بمعنى مألوه. أي: معبود، وفعال تأتي في اللغة العربية بمعنى مفعول في مواطن عديدة، منها: غراس بمعنى مغروس، وبناء بمعنى مبني، وفراش بمعنى مفروش. فهؤلاء - والعياذ بالله - يتألهون لهذه الأصنام كما يتألهون لله عز وجل يركعون لها ويسجدون وينذرون ويعكفون عليها.


(١) أخرجه مسلم، كتاب الزهد، باب تحريم الرياء ٤٦ (٢٩٨٥).

<<  <   >  >>