للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣)} (اضرب) قال المؤلف: [اجعل] وهذا لا شك أنَّه معنى مقرب للمعنى أي اجعل مثلًا، وقيل: إن (اضرب) بمعنى اتخذ؛ لأن الضرب يدل على صناعة وتكييف، ومنه: ضرب الذهب خاتمًا، وضرب الذهب حليًّا، وضرب الذهب سكة، يعني نقودًا، بمعنى اتخذه حليًّا، اتخذه سكة وما أشبه ذلك، فشُبه ذكر المثل للاعتبار به بصناعة الشيء؛ لأن المثل يشتمل غالبًا على هيئة متكاملة مركبة من أجزاء متعددة، ولهذا لا يأتي المثل في تشبيه مفرد بمفرد، إنما يأتي المثل في تشبيه صورة مشتملة على أجزاء متعددة بصورة.

فلهذا سمي ضرب مثل، أي: صنع مثل، كما تصنع الأواني والخواتم وغيرها من معادنها، وقال المؤلف - رحمه الله -: [{لَهُمْ مَثَلًا} مفعول أول، {أصحاب} مفعول ثان]، وهذا الظاهر أنَّه سهو من المؤلف، والصواب العكس، لأن المضروب هو أصحاب القرية، فيكون هو المفعول الأول، و {مثلًا} هو المفعول الثاني، ففي إعراب المؤلف انقلاب، فالصواب: أن أصحاب القرية مفعول أول، و {مَّثَلًا} مفعول ثان، أي: اجعل أصحاب القرية لهؤلاء المكذبين لك اجعلهم مثلًا يعتبرون به، والمَثَل والمِثل كالشبه والشِّبه، أي: جعله أمرًا مشابهًا حتَّى يتعظوا.

وكلمة {وَاضْرِبْ} الخطاب فيها للرسول عليه الصلاة والسلام، أو لكل من يتأتى خطابه، وسبق لنا أن مثل هذا تارة يكون صريحًا؛ أنَّه عام، وتارة يكون صريحًا أنَّه خاص بالرسول

<<  <   >  >>