للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عيسى، مع أن الله يقول: {إِذْ أَرْسَلْنَا} ولم يقل: إذ أرسل إليهم عيسى، بل قال: {إِذْ أَرْسَلْنَا} وعلى هذا فيتعين أن يكون المراد بالرسل المرسلون هنا رسلًا من عند الله، {إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ} أي: إلى أصحاب القرية {اثْنَيْنِ} مهو من هؤلاء الثلاثة {فَكَذَّبُوهُمَا} التكذيب رد الخبر ونسبته إلى خلاف الواقع هذا هو التكذيب، فهؤلاء كذبوهما وقالوا: هذا أمر ليس بصحيح، ولستم برسل، فماذا كان؟ قال الله تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} وقال المؤلف: [بالتخفيف والتشديد]. {فَعَزَّزْنَا} هذا التشديد (عزَزنا) التخفيف، والقراءتان سبعيتان؛ لأن المؤلف ذكرهما على حد سواء، معنى (عززنا) قال: [قوينا الاثنين بثالث، يعني لما كُذِّب الاثنان أرسل الله ثالثًا معهم لأجل التقوية، وهذا كقول موسى عليه الصلاة والسلام لما أرسله الله تعالى إلى فرعون قال: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢)} (١) فزيادة الواحد يقوي بلا شك، ونحن نشاهد حتَّى في أمرنا الواقع إذا قا شخص قولًا، ثم أيده آخر ازداد قوة ونشاطًا في تقرير هذا القول وتثبيته، {فَقَالُوا} الضمير يعود على الثلاثة {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤)} أتوا بالجملة المؤكدة بـ (إنا)؛ لأن الحال تقتضي ذلك، فإنهم قد كذبوا وأنكروا، فجاءت الجملة الثانية مؤكدة؛ لأن المقام مقام تكذيب.

ولكن لو قال قائل: لماذا لم تؤكد بأكثر من مؤكد؟

قلنا: هي أكدت بأكثر من مؤكد، أكدت بمؤكد واحد لفظي


(١) سورة طه، الآيات: ٢٩ - ٣٢.

<<  <   >  >>