للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحصن أي يرمى بالحجارة حتَّى يموت {وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا} ليصيبنكم، ومس كل شيء بحسبه: فمس الإنسان للإنسان له معنى، ومس العقوبات والمصائب له معنى، والمراد بالمس هنا الإصابة، وقوله: {عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨)} العذاب هو ما يحصل لهؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام من هؤلاء المكذبين المعتدين من الضرب وشبهه، ومنه الحبس أيضًا فإنه عذاب أَلِيمٌ (١٨)} بمعنى مؤلم فهو فعيل، بمعنى مفعل، ومنه قول الشاعر:

أم الريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع

(السميع) بمعنى المسمع، لا بمعنى السامع، فأليم بمعنى مؤلم، لا بمعنى آلم، قوله: {وَلَيَمَسَّنَّكُمْ} هل هذا على سبيل التنويع، أو على سبيل الجمع؛ يعني أنهم يرجمونهم ويعذبونهم قبل الرجم، أو أنَّه على سبيل التنويع، وأن الواو بمعنى "أو" أي: نرجمنكم حتَّى تموتوا، أو ليمسنكم منا عذاب أليم دون الرجم؟ الآية تحتمل معنيين، فإن جعلناها للجمع فإنها ليست على سبيل الترتيب، لأن الرجم هنا سابق في الذكر، لاحق في الواقع، لأن العذاب الأليم قبل الرجم، إذ إن الرجم لا عذاب بعده، فيكون فيها تقديم وتأخير، وأما إذا جعلنا الواو بمعنى "أو" للتقسيم، فيكون المعنى أنهم توعدوهم بأحد أمرين: إما الرجم، وإما العذاب المؤلم الشديد.

قوله تعالى: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩)} {قَالُوْا} الضمير يعود على الرسل، يخاطبون أصحاب القرية الذين كذبوهم {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي شؤمكم ملازم

<<  <   >  >>